غداة استهلت بالنسار سحابة ... تشبهها رجل الجراد من النبل
وقوله:
وما الغضب الطريف وإن تقوى ... بمنتصفٍ من الكرم التلاد
أصل التلاد: لما يولد عند الرجل من الإنس وغيرهم, والتاء فيه مبدلة من الواو, ثم كثر ذلك حتى سموا ما قدم تلادًا, ويجوز أن يكون هذا الاسم واقعًا على ما ولد عند الأب والجد وورثه الإنسان. والطريق والطارف: ما استفاده الرجل فكان محدثًا, فاستعار ذلك للغضب, وجعل كرم الممدوح تلادًا؛ لأنه ورثه عن آبائه.
وقوله:
وكن كالموت لا يرثي لباكٍ ... بكى منه ويروى وهو صاد
جعل الموت يروى على الاستعارة, أي أنه قد أخذ ما سبيله أن يروى به, إلا أنه مع ذلك غير مكتفٍ فكأنه صادٍ, وهو ك لام يحمل على المجاز؛ لأن الري لا يجتمع مع الصدى في حال, وإنما يريد أنه قد استكثر فوجب أن يكون ما قد أخذ كافيًا له وهو مع ذلك ليس بالمقتصر.
وقوله (٤٨/ب):
وكيف يبيت مضطجعًا جبان ... فرشت لجنبه شوك القتاد؟
المثل يضرب بشوك القتاد, وهما قتادان: القتاد الأكبر, والقتاد الأصغر, ذكر ذلك أبو زيد في «كتاب الشجر والنبات» , ويقولون في الأمر إذا استصعبوه: دونه خرط القتاد؛ لأن الخرط هو مباشرة الشيء بالكف, والقتاد: شاك لا يمكن فيه ذلك, والمثل المروي عن كليب وائل: «دون عليان خرط القتاد» , وعليان فحل من الإبل كان له.