للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

إن التي سفكت دمي بجفونها ... لم تدر أن دمي الذي تتقلد

هذا يحتمل وجهين؛ أحدهما: أنها سفكت دمي ولم تدر أنها تتقلده؛ لأنها غافلة عنه, وهي مطالبة به. والآخر أن يريد أنها متقلدة بقلادةٍ حمراء إما من ذهبٍ وإما من غيره, فيذهب إلى أن دمه بين عليها, ويكون نحوًا من قول أبي ذؤيبٍ: [الطويل]

تبرأ من دم القتيل وبزه ... وقد علقت دم القتيل إزارها

وقوله:

قالت وقد رأت اصفراري من به؟ ... وتنهدت فأجبتها المتنهد

من شأنهم أن يقولون لمن شكا أمرًا مثل أن يقتل له قتيل, أو يؤخذ له مال: من بك؟ أي من الذي أوقعك في هذا الأمر؟ وكأنهم يريدون: من المأخوذ بك, ومن المطالب بمالك؟ وقوله: المتنهد: كأنها لما سألت عن شأنه وتنهدت بعقب ذلك جعل جوابها عما تسأل عنه قوله المتنهد, وذكر كأنه قال الذي بي الإنسان المتنهد أو الشخص. والتنهد من قولهم: نهد الشيء إذا نهض كأنه نفس يتصعد من الصدر.

وقوله:

فمضت وقد صبغ الحياء بياضها ... لوني كما صبغ اللجين العسجد

قد عاب هذا بعض الناس على أبي الطيب؛ لأن الصفرة لا تصدر عن الحياء, وإنما تكون معه الحمرة, ومثل هذا لا يمتنع؛ لأن حياءها يجوز أن يكون معه خوف من فضيحةٍ فتغلب عليه الصفرة. وقوله: لوني: في موضع نصبٍ؛ فيجوز أن يكون مفعولًا ثانيًا كما يقال: صبغت الثوب أحمر؛ أي: جعلته كذلك, ويحتمل أن يكون المراد صبغًا مثل لوني, فيكون اللون نائبًا عن المصدر المحذوف, وهو قريب من معنى المفعول.

وقوله:

فرأيت قرن الشمس في قمر الدجى ... متأودًا غصن به يتأود

يحتمل هذا البيت معنيين؛ أحدهما: أن يعني رأيت نورًا كنور قرن الشمس في وجهٍ

<<  <   >  >>