فأما قول امرئ القيس: [السريع]
حلت لي الخمر وكنت امرأً ... عن شربها في شغلٍ شاغل
فلا معتبة عليه في ذلك؛ لأنه جاهلي. وكانوا إذا طلبواة ثأرًا حرموا على نفوسهم الخمر حتى يدركوه, ومنه قول قيس بن الخطيم: [الطويل]
ومنا الذي آلى ثلاثين ليلةً ... على الخمر حتى زاركم بالكتائب
وقوله:
فاسقنيها فدًى لعينيك نفسي ... من غزالٍ وطارفي وتليدي
خرج من التشبيب بالمؤنث إلى المذكر, وهم يفعلون ذلك كثيرًا؛ لأنهم يشبهون المرأة بالغزال والظبي وغير ذلك من المذكرات, فكأنهم يذكروا على هذا المعنى, وأصل ذلك أنهم يجترئون على طرح حرف التشبه؛ لأن السامع عالم بالغرض, ومن ذلك قول النابغة بعد أن بدأ بذكر المتجردة: [الكامل]
فبدت ترائب شادنٍ متربب ... أحوى أحم المقلتين مقلد
وقوله:
مفرشي صهوة الحصان ولكـ ... ن قميصي مسرودة من حديد
المفرش, بفتح الميم: كأنه موضع لا يجوز عليه الانتقال, وإذا كسرت الميم جاز أن يذهب به مذهب المخدة والمطرح. ولا يمتنع الوجهان في هذا الموضع, وكلاهما على معنى التشبيه, وهو كقول عنترة: [الكامل]
وحشيتي سرج على عبل الشوى ... نهدٍ مراكله نبيل المحزم
والصهوة: مقعد الفارس من الفرس, وصهوة كل شيء أعلاه. والمسرودة: الدرع, وسردها: نسجها, وكل متتابع مسرود ومتسرد.