الحب المذكور صاد عنا فذلك أجدر بمعونته الأيام على الفراق. وعطف وصله وصده على الضمير المرفوع في يجتمعن, والأحسن أن يؤكد الضمير المرفوع إذا عطف عليه مثل أن يقول: يجتمعن هن ووصله.
وقوله:
رعى الله عيسًا فارقتنا وفوقها ... مهى كلها يولى بجفنيه خده
يولى: من الولي الذي هو مطر بعد الوسمي؛ أي: هذه المها قد بكت بكاءً أولًا, فهو من الدموع وسمي, ثم بكت بكاءً ثانيًا, فهو كالولي من المطر. يقال: وليت الأرض فهي مولية, ووليت وليةً ووليًا, قال الشاعر: [الطويل]
لني وليةً تمرع جنابي فإنني ... لما نلت من معروف سيبك شاكر
وقوله:
بواد به ما بالقلوب كأنه ... وقد رحلوا جيد تناثر عقده
ادعى أن الوادي إذا ساروا عنه يجد لفراقهم, كما يجد الآدميون فيه من الأسف, كما في قلوب الإنس, وكأنه لما رحلوا جيد انتثر عقده فقد بقي عاطلًا, فهذا المعنى الواضح, وقد يجوز أن يعني بقوله: بوادٍ به ما بالقلوب (٦٠/أ) أنهن في الوادي ممثلات كما أنهن في قلوبنا كذلك.
وقوله:
إذا سارت الأحداج فوق نباته ... تفاوح مسك الغانيات ورنده
الأحداج: جمع حدجٍ, وهو مركب من مراكب النساء, ومن أمثالهم: فخر الأمة بحدج ربتها, يقال ذلك للرجل يفخر بشيء ليس له. وتفاوح: تفاعل من فاح يفوح, وأكثر ما يكون التفاعل من اثنين, وهما ها هنا المسك والرند. وذكر أبو زيدفي «كتاب الشجر» أن الرند من العضاه, وقال غيره: هو شجر طيب الرائحة.