للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما تقول للرجل إذا لقيته: فلان؛ أي: أنت فلان, ويدل على أنه أنكر لقاءه قوله: بأية حالٍ عدت. وقوله: بما مضى: يجب أن تكون الباء متعلقة بقوله: عدت, ودخلت أم هاهنا لأن في أول الكلام استفهامًا. ويحتمل أن يكون أراد ألف الاستفهام في قوله: بما مضى, كأنه قال: أبما مضى عدت أم لأمر لا نعلمه جددت؟ وقد رويت باللام مكان الباء في قوله: بما مضى, ومنهم من يروي: لأية حالٍ باللام أيضًا. واللام فيما أراه أحسن من الباء.

وقوله:

لولا العلى لم تجب بي ما أجوب بها ... وجناء حرف ولا جرداء قيدود

قيدود: من صفات الإناث, وهي الطويلة على وجه الأرض, كأنها قيدت. وأصلها من ذوات الواو, ويرون أنها قيدود, بالتشديد, فخففت الياء, كما قالوا: كينونة, والأصل كينونة.

وقوله:

أصخرة أنا مالي ما تغيرني ... هذي المدام ولا هذي الأغاريد

الأغاريد: جمع يجب أن يكون واحده أغرودةً, كما قالوا: أسجوعة وأساجيع, وأعجوبة وأعاجيب, وقالوا في الفعل: غرد يغرد, وهو تحسين الصوت ورفعه.

وقوله:

ما يقبض الموت نفسًا من نفوسهم ... إلا وفي يده من نتنها عود

هذا البيت يحتمل وجهين:

أحسنهما: أن يكون العود مرادًا به الذي يتبخر به؛ لأنه يدفع ما يكره من رائحة الميت بإيقاد العود.

والآخر: أن يكون أراد عودًا من العيدان؛ لأن من عادة الإنسان إذا كره أن يمس شيئًا استعان على قلبه ونقله بعودٍ من عيدان الشجر. وقولهم للذي يتبخر به عود: اسم يراد به التفضيل على غيره من العيدان, كما يقال: فلان رجل؛ أي: لأه فضل على غيره من الرجال, وكأنهم دلوا بقولهم عود على أنهم يريدون الطيب, وأن يفضلوه على غيره من العيدان, وقد استعملوا ذلك قديمًا, قال كثير: [الكامل]

<<  <   >  >>