للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أسامة بن الحارث الهذلي: [الطويل]

لعمري لقد أمهلت في نصح خالدٍ ... إلى الشام إما يعصينك خالد

وأمهلت في أصحابه فكأنما ... يسمع بالقول النعام الشوارد

وقوله:

تستوحش الأرض أن تقر به ... فكلها آنه به جاحد

يجوز أن تضم التاء في تقر, وهي من الإقرار الذي هو ضد الجحد, ويجوز أن تفتح التاء, ويكون من القرار في الموضع.

وادعى أن الأرض, التي هي مستخفٍ فيها, تستوحش أن تقر به, كأنها تخاف أن تلحقها من ذلك عقوبة من هذا الممدوح, وهذه من الدعوى الباطلة. فكلها آنه به, أي: قد استثقل كونه فيه؛ فهو آنه بما حمل.

والآنه: مثل الآنح, وهو الذي يخرج من صدره صوتًا ليس بشديد يدل على أنه قد حمل ثقلًا أو نالته شدة, فالمكان يستثقل كون وهسوذان به, ويجحد أنه فيه خوفًا ممن هزمه.

وقوله:

فلا مشاد ولا مشيد حمى ... ولا مشيد أغنى ولا شائد

الإشادة: تستعمل في الحديث, يقال: أشاد بذكره, يقول لم يحمه ذكر له رفيع, ولا رافع لذلك الذكر. والمشيد: الأحسن هاهنا أن يكون ما رفع من الأبنية, والشائد الذي يرفعه.

وبعض الناس يقول: المشيد: المطلي بالشيد؛ أي: الجص, والمشيد: المرفوع من البناء, والوجه الأول أشبه بهذا البيت, ومن نون مشيدًا في النصف الأول فما فعله جائز إلا أنه يحدث في الوزن شيئًا تنكره الغريزة, وقد استعمل مثله المحدثون كثيرًا, إلا أن تركه أحسن, ولعل من روى هذه الرواية يريد أن يعطف على المرفوع مثله كما جاء في الكتاب

<<  <   >  >>