للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول: إن هذا الممدوح له بركات عظيمة, فلما سرنا إليه في الربيع كثرت الرعود فأغنتنا عن حداء الإبل؛ وهذا معنًى لم يعلم أنه سبق إليه, كأن الرعد يكون من خلفها, فيحثها على السير, فهو لها كالحادي.

وقوله:

إذا ما استحين الماء يعرض نفسه ... كرعن بسبتٍ في إناء من الورد

استحين: في معنى استحيين. يقول: هذه الإبل غنية عن الورد, وهن يعبرن بالمياه كثيرًا. فالماء كالذي يعرض نفسه عليها فتستحيي منه ألا تشرب, فتكرع فيه. وأصل الكروع في الماشية التي تدخل في الماء حتى تغيب فيه أكرعها, ثم كثر ذلك حتى قيل: كرع الشارب في القدح في معنى شرب, قال النابغة: [الطويل]

وتسقى إذا ما شئت غير مصردٍ ... بزوراء في أكنافها المسك كارع

أي أن فيها مسكًا فكأنه قد كرع, وقالوا للنخل التي تسقى بالماء: مكرعات. ويجوز أن يقال للنخل التي تشرب بعروقها: مكرعات. وإنما استعاروا لها الأكارع من ذوات الظلف, قال امرؤ القيس: [الطويل]

أو المكرعات من سفين ابن يامنٍ ... دوين الصفا اللائي يلين المشقرا

وقال النابغة: [الطويل]

من الواردات الماء بالقاع تستقي ... بأعجازها قبل استقاء الحآجر

وقالوا للماء الذي يجتمع من السماء فترده الوحش وغيرها: كرع, وأصل ذلك أنها تخوضه فيبلغ أكارعها, قال الهذلي: [الكامل]

<<  <   >  >>