فشرعن في جنبات عذبٍ باردٍ ... حصب البطاح تغيب فيه الأكرع
يقول: كرعت هذه الإبل بسبتٍ؛ لأن مشافرها تشبه بالسبت, والسبت: نعال تدبغ بالقرظ. قال بعضهم: هي نعال يحلق الشعر عنها, وإنما أخذت من سبت رأسه إذا حلقه, قال رؤبة في صفة الإبل:[الرجز]
ينفضن أنقى من نعال السبت
وقوله: في إناء من الورد, يريد أن الماء قد اجتمع في موضع منخفضٍ وقد نبت الزهر حوله, وكل زهر يسمى وردًا على الاستعارة؛ فكأن ذلك الموضع إناء من وردٍ؛ لأن الماء قد غطى ما ليس فيه ورد منه, فقد صار كالماء في القدح, وما حوله من الزهر كفضلة الإناء التي ليس فيها ماء.
وقوله:
كأنا أرادت شكرنا الأرض عنده ... فلم يخلنا جو هبطناه من رفد
(٦٧/أ) يقول: كأن الأرض أرادت أن نشكرها عند هذا الممدوح, فأعانتنا على السفر بالنبات والماء, فلم يخلنا جو؛ أي: وادٍ من رفدٍ؛ أي: عطاءٍ.
وقوله:
لنا مذهب العباد في ترك غيره ... وإتيانه نبغي الرغائب بالزهد
يقول: العباد يتركون ما في الدنيا من اللذات رغبةً فيما هو أعظم منه, وذلك ما يرجون من ثواب الآخرة, فنحن في قصد هذا الممدوح لنا مذهب العباد؛ لأنا قد زهدنا في غيره من الملوك, وإنما زهدنا فيهم لكثرة ما نرجو عنده من الرغائب التي لا نجدها لديهم, وهذا من اللفظ الذي ظاهره عموم ومعناه خصوص.