للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

فتى فاتت العدوى من الناس عينه ... فما أرمدت أجفانه كثرة الرمد

أصل الفتى أن يستعمل للشباب, ثم كثر من الكلام حتى صاروا يصفون الكهل والشيخ بذلك؛ أي أنه يفعل أفعال الفتيان الذين يرغبون في الذكر الحسن, فيجودون بالمال, ويتسرعون إلى الحرب, قال كثير: [البسيط]

يا عز هل لك في شيخٍ فتًى أبدًا ... وقد يكون شباب غير فتيان

فأما قول طرفة: [الطويل]

إذا القوم قالوا من فتًى خلت أنني ... عنيت فلم أكسل ولم أتبلد

فإنه كلام محمول على الحذف, كأنه قال: من فتًى يفعل كذا؛ أي: يقدم في حربٍ أو يبذل مالًا في مكرمةٍ, وهو نحو قول الآخر: [البسيط]

لو كان في الألف منا واحد فدعوا ... من فارس خالهم إياه يعنونا

والعدوى أن ينتقل الداء ممن هو فيه إلى من قاربه أو لاصقه, وهو غير منتقل عن الأول؛ وذلك من قولهم: عداه يعدوه إذا جاوزه, ويزعمون أن الجرب والرمد والثؤباء من المعديات, وقالوا في المثل: «هو أعدى من الثؤباء» وإنما ضرب الرمد هاهنا مثلًا لما في الناس من العيوب (٦٧/ب)؛ أي أن فيهم البخلاء والجبناء ومن هو قليل اللب فما أعدوه بما فيهم من الأشياء المذمومة.

وقوله:

إذا ارتقبوا صبحًا رأوا قبل ضوئه ... كتائب لا يردي الصباح كما تردي

يقول: إذا ارتقب أعداؤه صبحًا, وإنما يرتقبونه؛ لأن الغارة تكون في الصباح فيقال:

<<  <   >  >>