للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول لها الرؤون أين خيارها ... أهاتيك أم هاتا التي لم تضانك

أي: التي لم تزاحم صاحبتها في المنبت. واستحوذ عليهم: إذا استولى, ولم يجئ أبو الطيب بمصدرٍ لأجل القافية إلا في هذا البيت.

وقوله:

جمدت نفوسهم فلما جئتها ... أجريتها وسقيتها الفولاذا

يقال: كأنهم من الفزع جمدت نفوسهم فلم تقدر على التصرف, فلما جئت أجريتها على السيوف, فكأنك سقيتها الفولاذ, وهو خالص الحديد, وليس أصله بعربي. والنفوس هاهنا بمعنى الدماء؛ لأنها تصحب الأنفس مادامت حيةً, فإذا الدم ذهب زالت النفس بزواله, وبعض العامة يقول: البولاذ بالباء, والأعاجم ينطقون بحرف بين الباء والفاء, وقد فعل ذلك بعض أهل اليمن, فإذا جاءت الكلمة الأعجمية جعلها العرب مرة فاءً ومرة باءً, كما قالوا: فرند السيف وبرنده, ويجوز أن يكون الفولاذ من هذا الحيز.

وقوله:

لما رأوك رأوا أباك محمدًا ... في جوشنٍ وأخا أبيك معاذا

جوشن الرجل: صدره, وسميت هذه الآلة جوشنًا؛ لأنها تكون على الصدر, وجواشن الليل: صدوره وغياهبه. قال الراجز: [الرجز]

مروا بهم على جواشن الليل ... مر الصعاليك بأرسان الخيل

وقالوا: مر جوشن من الليل: أي: قطعة, فيجوز أن تكون النون زائدة في جوشنٍ, كما قالوا في ضيفن, وهو من ضاف يضيف؛ لأنهم يقولون: مضى جوش من الليل, بغير نونٍ, والمعنى أنهم لما رأوا هذا المذكور رأوا أباه وعمه في جوشنٍ؛ لأنه قد جمع شبهًا للرجلين.

وقوله:

أعجلت ألسنهم بضرب رقابهم ... عن قولهم لا فارس إلا ذا

لما كانت (ذا) تستصحب حرف التنبيه كثيرًا وقع الفرق بين قولهم هذا وبين قولهم ذا,

<<  <   >  >>