وكلا الجيشين: لم يحتج أن يظهر في كلا ياءً لأجل النصب؛ لأنهم يفعلون ذلك في المضمر خاصة, فيقال لقيني كلا الرجلين, ولقيت كليهما, ومررت بكليهما. ومنهم من يقول: ضربت كلاهما, ومررت بكلاهما, فيقر على حالة واحدة. ويجب أن يكون هذا مذهب من يقول: جاءني أباه, ومررت بأباه. والنقع: الغبار, وإنما يقال له نقع إذا ارتفع.
وقوله:
وجاؤوا الصحصحان بلا سروجٍ ... وقد سقط العمامة والخمار
(٧٣/ب) الصحصحان: هاهنا موضع بعينه. وكل أرض واسعة يقال لها: صحصح وصحصاح وصحصحان, ومنه البيت المروي لتأبط شرًا: [الوافر]
بأني قد لقيت الغول تهوي ... بمرتٍ كالصحيفة صحصحان
وقال الراجز: [الرجز]
تركته بالصحصح الصحصاح ... مجدلًا للقدر المتاح
يقول: هؤلاء القوم قد طردوا طردًا شديدًا, فالرجل قد طرح سرجه ليخفف عن فرسه, وقد سقطت العمائم عن الرؤوس لشدة السير, والخمر عن رؤوس النساء, وهم للذعر لا يتلبثون لأخذ عمامةٍ ولا خمارٍ.
وقوله:
وأرهقت العذارى مردفاتٍ ... وأوطئت الأصيبية الصغار
أرهقت: أي: أعجلت, ويكون الإرهاق في معنى الإدراك والغشيان, ومنه قوله تعالى: {سأرهقه صعودًا}؛ أي: سأغشيه. يقول: أردفوا النساء للعجلة وخوف اللحاق,