جعل المطلوبين يحاورن في الأرض الواسعة, فإذا أقبل الجيش حارت فيه الأرض, وهذه من الدعوى المستحسنة في الشعر, وليست لها صحة في الحقيقة, ولنكه يريد أن الجيش عظيم, فهذه الأرض تصغر عنده فتكون كالحيرى في كثرته, ومن الحيرة قالوا: مال حير؛ أي: كثير, كأن الذي يراه يحار, قال الراجز:
ياربنا من سره أن يكبرا ... فسق له يارب مالًا حيرا
وقوله:
يحق أغر لا قود عليه ... ولا دية تساق ولا اعتذار
يقول: هذا الممدوح إذا قتل قومًا فلا قود عليه؛ لأنه أعز من ذلك, وظاهر اللفظ يحتمل أن يكون القود على نفس الممدوح. والأحسن في معاني الشعر أن تكون جنوده إذا قتلوا لم يطالبه أعداؤه بأن يقيدهم (٧٤/أ) , ولا يحمل عن القاتلين ديةً ولا يعتذر مما صنع.
وقوله:
تريق سيوفه مهج الأعادي ... وكل دمٍ أراقته جبار
يقال: دم جبار وهدر وفرغ وطلف وظلف بمعنى. قال الأفوه:[الرمل]
حكم الدهر علينا أنه ... طلف ما نال منا وجبار
وفي الحديث:«العجماء جبار»؛ أي: إذا أصابت شيئًا فقد أهدر, وإنما قيل للدم