المعنى أن هذا المذكور يتوسط المفاوز في طلب أعدائه, ولا يتوسطها ينتظر غنيمة كما تفعل البادية؛ لأنها يكمنون في المفاوز لتجوز الرفق فيصيبوا منها فائدةً, فقد ذكر وصفين هما للمدوح تقريظ, وهو أنه لا يستتر لينال غنمًا كفعل الأعراب, ولا ينتظر أن تمر به حمولة التجار, والصفان كلاهما ذم لهؤلاء القوم؛ لأنه عرض بهم تعريضًا خفيًا.
وقوله:
تصاهل خيله متجاوباتٍ ... وما من عادة الخيل السرار
هذا البيت مفسر لما قبله؛ لأنه ذكر أن خيل هذا الأمير يجاوب بعضها بعضًا بالصهيل. والبادية إذا كمنوا للغارة أو لقطع السبيل منعوها من أن تصهل؛ لئلا يسمع صهيلها من يلتمسون, فيكون ذلك نذيرًا له, فيضربونها تارة, وربما شدوا ألسنها لئلا تصهل, قال الشاعر: [المتقارب]
إذا الخيل صاحت صياح النسور ... حززنا شراسيفها بالجذم
أي: ضربناها بالسياط لئلا تصهل, وقال الآخر:
ندني الجياد لأفلائها ... إذا ما استرقن إليها الصهيلا
وقوله:
بنو كعبٍ وما أثرت فيهم ... يد لم يدمها إلا السوار
بها من قطعه ألم ونقص ... وفيها من جلالته افتخار
ضرب المثل للمدوح وبني كعب بالسوار واليد؛ أي: أن سيف الدولة بالألم الذي أصابهم منه كالسوار الذي أدمى اليد فقد نالها منه ألم, ولها مع ذلك افتخار لتحليها به.
وقوله:
لعل بنيهم لبنيك جند ... فأول قرح الخيل المهار
يقال لولد الفرس إذا نتج: مهر, ثم يبقى عليه هذا الاسم إلى أن يركب, ويقال للأنثى: مهرة, ولا تزال توصف بذلك مادامت فتيةً, ويقال في الجمع القليل: أمهار, وفي الكثير: