للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما كانت الجسوم معظم الناس, والرؤوس أقل منها شخوصًا استحسن أن يقول: على رؤوس بلا ناسٍ, ولولا الوزن لكان الواجب أن يقول بلا جسوم, أو بلا أجسامٍ.

وقوله:

حتى انتهى الفرس الجاري وما وقعت ... في الأرض من جيف القتلى حوافره

الجيف: جمع جيفةٍ, وهي من ذوات الواو, كأنها مأخوذة من (جافه يجوفه) إذا أصاب جوفه, ولأن ما قتل أو مات وترك لم يوار فلا بد لباطنه أن يظهر, وقالوا في الجمع: جيف, فلم يردوا الحرف إلى أصله, كما قالوا: ديمة وديم وهي من (دام يدوم). فأما ما حيلة فقد قالوا في جمعها: حيل وحول, قال الراجز:

إنا إذا ما أعيت القوم الحول ... ننسل في ظلمة ليلٍ ودغل

ننسل؛ أي: نعدو, وسميت حوافر الفرس بهذا الاسم؛ لأنها تحفر الأرض, وقالوا في الكلام القديم: «النقد عند الحافر»؛ وذكروا أن أصل ذلك مستعمل في بيع الخيل؛ أي: إن الفرس إذا بيع وجب أن ينقد ثمنه بلا تأخير, وقالوا: النقد عند الحافرة؛ أي: عند أول كلمةٍ, فأما الحافرة في كتاب الله سبحانه فقيل: إنها مراد بها الأرض؛ لأنها يحفر فيها, كما قالوا عيشة راضية؛ أي: فيها رضًى, وهي ذات رضًى. وليل نائم؛ أي: ينام فيه, وقيل: الحافرة: القبر, ويحتملأن يكونوا قالوا للقبر حافرة أي حفر الحافرة يعنون الجماعة التي تحفره, أو الصورة التي تلي ذلك, ويكون من باب حذفهم المضاف. وقالوا: «رجع فلان على حافرته» أي: على الطريق الذي جاء فيه, و «رجع الشيخ على حافرته» إذا نكس في الخلق, وأنشد ابن السكيت: [الوافر]

<<  <   >  >>