وقوله:
أمي أبا الفضل المبر أليتي ... لأيممن أجل بحرٍ جوهرا
يقال: أبررت القسم: إذا لم تحنث فيه. والألية اليمين, يقال: ألية على مثال فعيلةٍ, وألوة وألوة وإلوة. وقلما يجمعون الألية, وقاسها أن يقال في تكسيرها: ألايا, وإذا قالوا: ألوة فقياس جمعها في التكسير إلاء مثل: قشوةٍ وقشاء. وإذا قيل: ألوة فقياسها ألى مثل: رشوةٍ ورشًى, وإذا قيل إلوة فالقياس إلى مثل: عدوةٍ وعدًى. وبيت ذي الرمة يحتمل الوجهين:
قليلًا كتحليل الولى ثم شمرت ... بنا كل فتلاء الذراعين ضامر
وقوله: لأيممن أجل بحرٍ جوهرا: يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون قال النصف الأول فتم الكلام, ثم ابتدأ اليمين, فلا يكون للنصف الثاني تعلق بالنصف الأول من قبل موضع الإعراب.
والآخر: أن يكون قوله: لأيممن وما بعده: مفسرًا للألية, فيكون موضعه نصبًا على البدل منها, والجوهر الذي يراد به ما يخرج من البحر, وما يجري مجراه في النفاسة, مثل الياقوت والزبرجد, يقال: إنه ليس بعربي, ولو حمل على أنه من كلام العرب لكان الاشتقاق دالًا عليه لأنهم يقولون: فلان جهير؛ أي: حسن الوجه والظاهر, فيكون الجوهر من الجهارة التي يراد بها الحسن, وإلى هذا الوجه يرجع ضد السر؛ لأنه يكشف ويعلم كما تعلم جهارة الوجه.
وقد استعملت الجوهر طوائف من المتقدمين والمحدثين في صناعة الكلام. فالمتقدمون يجعلون الشخوص جواهر, ويقولون: العقل هو جوهر بسيط؛ أي: هو لطيف خفي, والمعتزلة يقولون: هو جزء لا يتجزأ, وربما قالوا: ما استبد بصفة التحيز.
وقوله:
أفتى برؤيته الأنام وحاش لي ... من أن أكون مقصرًا أو مقصرا