للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستعار (٨٨/ب) الأرسم للجسم لما كان يشبهه بالديار, وحسن ذلك أنهم يقولون لشخص الرجل: طلل, كما يقال ذلك للربع إذا كان لأثره شخوص, فإذا درست تلك الصورة فهي رسوم.

وقوله:

صريع مقلتها سآل دمنتها ... قتيل تكسير ذاك الجفن واللعس

خفض قوله: صريع مقلتها لأنه حمله على جسم, فإن أراد به التنوين فهو نكرة جارٍ على نكرةٍ, وإن جعله معرفةً جعله بدلًا من جسم, ولو نصب صريعًا وما بعده من المضافات على أنه حال من التاء في (وقفت) لكان ذلك حسنًا.

والدمنة آثار القوم في الديار. واللعس: سمرة في الشفتين.

وقوله:

ما ضاق قبلك خلخال على رشأ ... ولا سمعت بديباجٍ على كنس

يقول: أنت تشبهين الرشأ في بعض الصفات, ولكنه لا يلبس خلخالًا فيضيق عليه, وأنت من شأنك أن تلبسي الحلي, ولا سمعت أن كناس ظبيٍ يجلل بالديباج؛ لأن الظباء إنما تكنس في أصول الشجر, وأنت إذا ركبت في الهودج فكأنه كناس لك؛ لأنك تأوين إليه كما تأوي الظباء إلى الكنس, وهي جمع كناسٍ, وإنما قيل لموضع الوحشي: كناس؛ لأنه يزيل عنه التراب أو الرمل ليتمكن إذا ربض, فكأنه يكنسه, ثم صار ذلك الفعل كأنه غير متعد. فقيل: كنس الظبي إذا حصل في الكناس, ومنه قوله تعالى: {الجوار الكنس} شبهها إذا توارت بالظباء المتوارية في الكنس.

وقوله:

إن ترمني نكبات الدهر من كثبٍ ... ترم امرأً غير رعديدٍ ولا نكس

من كثبٍ: أي: من قربٍ. والمعروف في ذم الرجل ووصفه بالضعف: نكس, وقلما يقولون: نكس, ويجب أن يكون هذا الوصف محمولًا على نكس ينكس كما أن حذرًا محمول على حذر يحذر, وربما اجترؤوا على حذف الياء من فعيل, قال الهذلي: [البسيط]

<<  <   >  >>