ولا السماكان إن يستعمل بينهما ... يطر بشدة يومٍ شره أصل
أي: أصيل. فإن كان أراد نكيسًا فحذف الياء فقد يمكن ذلك إن كان حمله على نكس؛ لأن فعيلًا إذا كان اسم فاعل فهو أقرب إلى فعلٍ من فعيلٍ إذا كان معدولًا عن مفعولٍ.
وقوله:
أبا الغطارفة الحامين جارهم ... وتاركي الليث كلبًا غير مفترس
الغطارفة: جمع غطريفٍ, وهو من صفات السادة, فقيل: هو السخي, وقيل: الشجاع, وبعض الناس يذهب إلى أنه مأخوذ من السرعة كأنه يسرع إلى المكارم.
وقوله:
دانٍ بعيدٍ محب مبغضٍ بهجٍ ... أغر حلوٍ ممر لينٍ شرس
يحتمل أن يعني بدانٍ أنه يقرب من العافين, أو يدنو إلى كل خلقٍ حميدٍ, وبعيدٍ: أي: يبعد من كل خلقٍ مذمومٍ, وعلى عدوه إذا أراده بكيدٍ, ويدخل تحت قوله: دان بعيدٍ أشياء كثيرة منها أنه يقرب من الجلساء, ولا يعلم بما في ضميره من الأسرار؛ لأن كتمان السر مما يوصف به الممدوح وبذلك أوصى الحكماء. ومن هذا النحو قول الآخر: [الطويل]
قريب ثراه لا ينال عدوه ... له نبطًا صدق المقام أريب
يريد أن ثراه إذا طلب ما عنده من المعروف موجود, ولا يبعد, وهو مع ذلك لا ينال عدوه نبطه, أي: لا يعلم سره, ولا يظفر منه بالمراد, وهو مأخوذ من نبط البئر, وهو الماء الذي يستنبط منها. وقوله: محب مبغضٍ: أي: يحب أفعال الكرام, ويبغض ما خالفها من الفعل المذموم. ويقال: بهج وبهيج: يراد بهما بهجة الوجه؛ أي: حسنه, وقيل: يراد بالبهج الذي يبين فيه البهجة أي: الفرح بالزوار, وقوله: حلوٍ ممر: أي: يحلو لمن قصده أو حل بداره ويمر على الأعداء؛ وذلك وصف يتردد في الشعر القديم والمحدث. قال الهذلي: [البسيط]