وقوله:
لو كان فيض يديه ماء غاديةٍ ... عز القطا في الفيافي موضع اليبس
الفيافي: جمع فيفاء, وهو مكان مقفر مأخوذ من الفيف, والقطا تكون في الأماكن البعيدة لتتخذ بها الأفاحيص.
وعز: في معنى غلب وأعيا. واليبس: الأرض لا ماء فيها. وقد يقال لها: يبس إذا يبس نبتها. وقالوا: حطب يبس, وكذلك العرق إذا يبس, قال الشاعر وأنشده الفراء: [الطويل]
فأبلغ أبا يحيى إذا ما لقيته ... على العيس في أعطافها عرق يبس
وقوله:
أكارم حسد الأرض السماء بهم ... وقصرت كل مصرٍ عن طرابلس
اصطلحت العرب على أن تسمي المدينة العظيمة: مصرًا. وكانت الكوفة والبصرة في صدر الإسلام يقال لهما: المصران. ويجوز أن يكون الراجز عناهما بقوله: [السريع]
قد خفت أن يحدرنا للمصرين ... زحف من الجراد بعد الزحفين
فأما مصر التي على النيل فاسمها قديم, ويقال: إنها منسوبة إلى مصراييم, وهو من ولد سام بن نوح.
وإذا حمل المصر على كلام العرب جاز أن يكون من قولهم للحاجز بين الشيئين: مصر, أي: هذا البلد يحجز بين مكانين غير مسكونين, وذلك موجود في كل الأمصار, إلا أن يكون ما لا يعلم, لأن كل مصرٍ لابد أن يكون حواليه مواضع للزرع والغراس لا يكثر فيها الناس ككثرتهم فيه, وهذا البيت يروى لعدي بن زيدٍ, ولأمية بن أبي الصلت: [البسيط]
وجعل الشمس مصرًا لا خفاء به ... بين النهار وبين الليل قد فصلا