والسماء: الغالب عليها التأنيث, وربما جاء بالتذكير, وفي الكتاب العزيز: {السماء منفطر به} , فيروى عن الخليل أنه قال: المعنى ذات انفطارٍ؛ كأنه جعلها من جنس قولهم: امرأة حامل ومرضع؛ أي: ذات حملٍ, وذات إرضاع, وهذا لا يخرجها من حد التأنيث, وقيل: ذكرها على معنى السقف؛ لأن القرآن فيه: {والسقف المرفوع} وإنما المراد: السماء. قال الشاعر: [الطويل]
وقالت سماء البيت فوقك مخلق ... فلما نيسر أحبلًا للركائب
وقال قوم: يقال سماء وسماءة, فإذا جعل مثل سحابٍ وسحابةٍ جاز أن يقال: سماء ممطر كما يقال: سحاب روي, فيذكر, وجاز أن يقال: سحاب رواء وثقال, ويقال: مطرت السحاب فيؤنث على معنى الجمع, وكل مالا تأنيث له حقيقي فتأنيثه وتذكيره جائزان. وحقيقة التأنيث أن تكون المؤنثة مما يلد أو يبيض, وإذا فصلوا بكلام بين الفعل المؤنث سهل عندهم التذكير كقول العرب: حضر القاضي اليوم امرأة؛ فهذا أيسر عندهم من أن يقال: حضر امرأة اليوم القاضي, وبيت أبي الطيب قد فصل فيه بين الفعل والفاعل, وأشد منه قول القائل: [الوافر]
لقد ولد الأخيلط أم سوءٍ ... لدى حوض الحمار على مثال
فتأنيث أم حقيقي, وليس كذلك تأنيث السماء.
وقوله: وقصرت كل مصرٍ: هو مثل قول العرب: ذهبت بعض أصابعي لما كان بعض يقع على الإصبع حسن أن يجاء بالتاء, ولو كان الكلام في غير الموزون لكان الأحسن أن يقال: وقصر كل مصرٍ, لأن الغالب على المصر التذكير, وإنما يقولون: مصر عظيم, ويجوز تأنيثه إذا أريد به البلدة أو المدينة.