ولم ينطق به, وهذا الوجه يقوى في رأي الفراء؛ لأنه يجعل وزن سيدٍ وطيبٍ فعيلًا. وفعيل يجري على فعل كثيرًا, فأما قول الأول: [الكامل]
إن الفرزدق صخرة عادية ... طالت فليس - تنالها - الأوعالا
فطالت هاهنا: فعلت؛ لأنها متعدية إلى الأوعال, وليست مثل: طالت المرأة من الطول؛ لأن هذا فعل غير متعد, ولولا ما حكي من قولهم: سودت, بالضم, لكان الأقيس في قولهم: طالت المدة والشجرة أن يحمل على أنه فعلت؛ إذ كان يجوز أن يراد بقولهم: طال الرجل فهو طويل أنه طال غيره من الناس فيكون متعديًا, ويجعل قولهم: طويل على المبالغة, كما قالوا: عليم ورحيم, وقد ظهرت الواو والياء في فعل كثيرًا, فقالوا: حول الرجل وعور وصيد البعير من الصيد, وعلماء خراسان يسمون الثلاثي المعتل الأوسط: الأجوف.
وأما الآخر من ضربي المعتل فهو ما اعتلت لامه, وهو يجيء في ذوات الواو والياء, فأما الواو فتجيء على فعل, مثل: غزا, وغدا؛ لأنه من الغزو والغدو, وعلى فعل, مثل: عشي الرجل, فهو أعشى؛ لأنهم يقولون للأنثى: عشواء, فيستدلون على أنه من ذوات الواو. وقالوا: سرو الرجل, فهو سري, وقد حكي سري, وسرا, وأنشد الفراء: [الكامل]
تلقى السري من الرجال بنفسه ... وابن السري إذا سرى أسراهما
ويحمل سرو على أنه من ذوات الواو لقولهم: سري بين السرو. وتلزم الياء في هذا الباب فعل وفعل, وحكى بعضهم: قضو الرجل, وهو من قضيت, وأما المضاعف فيكثر فيه فعل وفعل؛ ففعل مثل سر يسر وقد يقد, وفعل مثل عض يعض, وصم يصم, ويقل فيه فعل, وحكوا عن يونس: لببت من اللب, ويقوي ذلك قولهم: لبيب؛ لأن اسم الفاعل من فعل يكون على فعيلٍ.
والنحويون يقولون: أصل حبذا: حبب ذا, ولم يذكروا أنهم سمعوا حببت إلينا, ويجوز أن يكونوا قاسوا حبب على حبيبٍ. وحكي عن ابن الأعرابي: عززت الشاة, وهي الضيقة