للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن الضغن بعد الضغن يفشو ... عليك ويخرج الداء الدفينا

وقوله:

وقد نسي الحسين بما يسمى ... ردى الأبطال أو غيث العطاش

هذا البيت جارٍ مجرى الأول؛ لأنه زعم أن الممدوح كناه الناس أبا الغمرات فاستغنى عن كنيته, التي هي أبو العشائر, ونهسي الحسين, وهو اسمه؛ لأنهم سموه ردى الأبطال؛ أي: هلاكهم, وغيث العطاش؛ لأنه يرويهم. والحسين هاهنا لفظة لا تجري مجرى قولهم إذا رأوا الشخص الذي يسمى بهذا الاسم: جاءني الحسين, ورأيت الحسين؛ لأن الاسم في هذا الموضع واقع على شخص, والحسين في البيت لفظة لا تتصل بجسمٍ.

وقوله:

لقوه حاسرًا في درع ضربٍ ... دقيق النسج ملتهب الحواشي

ذكر الدرع, وقد حكي ذلك عن العرب.

وقد يجوز أن يجعل قوله: دقيق النسج صفةً للضرب إذ كان الدرع مضافًا إليه, كما يقال: جاء فلان في برد ثناءٍ سابغٍ؛ فيجوز أن يجعل سابغ نعتًا للبرد وللثناء إذ كان أحدهما متصلًا بالآخر. ولا يمتنع أن يوصف الضرب بدقة النسج والتهاب الحاشية؛ لأن هذا اللفظ مخصوص به اللباس, وإنما حسن ذلك؛ لأنه جعل الدرع متخذًا من الضرب فقد جعله مما يمكن نسجه, وأن تكون له حاشية؛ لأن الزرد أصل للدرع, كما أن الغزل عنصر للثوب.

وحاشية الثوب: كل ناحيةٍ من نواحيه, وقيل: هي جانب الهدب, وإنما أخذت من الحشى وهي الناحية.

وقوله:

كأن على الجماجم منه نارًا ... وأيدي القوم أجنحة الفراش

الهاء في منه عائدة على الضرب. ومن شأن الفراش أن يطلب النار فيحترق فيها, ومن شأن المضروب على رأسه أن يستره بيده, وإنما يفعل ذلك إذا كان الضرب بغير حديدٍ, وأما عند السيف فإن إشفاقه على يديه قريب من إشفاقه على هامته. والجماجم: جمع جمجمةٍ

<<  <   >  >>