وقوله: للسبي ما نكحوا, والقتل ما ولدوا وأوقع «ما» على الإنس؛ لأنها تقع على صفات الآدمييت, فإذا قال القائل: ما أميركم؟ جاز أن يقول له: طويل أو قصير أو جائر أو عادل, وإذا قال القائل: ما نكح بنو فلان؟ جاز أن يقال له: العجز أو الشواب أو الحسان أو القباح, فتقع «ما» على الصفات, وكذلك إذا قيل: ما ولدوا؟ جاز أن يقال: الجبناء أو الشجعاء, وما هو مجانس هذا اللفظ.
وقوله:
مخلًى له المرج منصوبًا بصارخةٍ ... له المنابر مشهودًا بها الجمع
مخلًى في موضع نصبٍ على الحال, والهاء في له عائدة على الممدوح, والمرج: اسم ما لم يسم فاعله, وهو مأخوذ من قولهم: مرجت الخيل بعضها مع بعض إذا أرسلتها في رعيٍ أو غيره, وكل أمرٍ أهملته فقد مرجته, ومنه قولهم: «أمر مريج»؛ أي: مخلى مختلط. وقيل للموضع الذي تخلى فيه الخيل ونحوها للرعي: مرج, لما كان يمرج فيه. وصارخة اسم قد وافق فاعلةً من الصراخ. والجمع: جمع جمعة, يقال: جمعة وجمعة, وقد قرئ بهما إلا أن أكثر القراء على ضم الميم, ويقال: إن بني عقيلٍ يقولون: جمعة, فيفتحون ميمها, وإنما أخذت من اجتماع الناس فيها للصلاة أو لغيرها, وكانت العرب تسميها عروبة غير مصروفةٍ, قال الشاعر: [الكامل]
يوم كيوم عروبة المتطاول
وأدخل عليها القطامي الألف واللام فقال: [البسيط]
نفسي فداء بني أم هم خلطوا ... يوم العروبة أورادًا بأوراد
وكان ينبغي إذا حمل الأمر على القياس أن تكون الجمعة اسمًا حدث في الإسلام,