ولكن الأمر ليس كذلك, وسموا الأيام الخمسة بأسماءٍ مأخوذةٍ من العدد فقالوا: الأحد والاثنان والثلاثاء والأربعاء والخميس, فلو اطردت التسمية لوجب أن تسمى الجمعة باسمٍ مشتق من الستة, ويسمى السبت باسمٍ مشتق من السبعة؛ لأن الجمعة سادسة, والسبت سابع. والله أعلم بحقيقة الأمور.
فأما السبت فقيل: إنه مأخوذ من سبت الشيء إذا قطعه؛ لأنه آخر الأيام, فكأنها تنقطع عنده, ثم يبتدأ بغيرها. ولو كان الناس مجمعين على ما يفعله اليهود في يوم السبت من التودع والراحة لجاز أن يكون السبت من ذلك؛ لأنهم سموا النوم سباتًا؛ لأنه يستراح فيه. ويقال: سبتت المرأة شعرها إذا مدته وبسطته؛ لأن ذلك كالراحة له, قال الشاعر وذكر الشعر: [الطويل]
وإن سبتته مال جثلًا كأنه ... سدى ناسجاتٍ من نواسج خثعما
وقوله:
يطمع الطير فيهم طول أكلهم ... حتى تكاد على أحيائهم تقع
هذا بيت زاد فيه أبو الطيب على من قبله من الشعراء؛ لأن هذا البيت يروى للأفوه: [الرمل]
وترى الطير على آثارنا ... رأي عينٍ ثقةً أن ستمار
ثم قال النابغة: [الطويل]
إذا ما غزوا بالجيش حلق فوقهم ... عصائب طيرٍ تهتدي بعصائب
جوانح قد أيقن أن قبيله ... إذا ما التقى الجمعان أول غالب
ثم قال الحكمي في الإسلام: [المديد]
تتآيا الطير غدوته ... ثقةً بالشبع من جزره
وهؤلاء الشعراء الثلاثة لم يزد أحدهم على الآخر في الصفة, وإنما الفضيلة لمن سبق منهم. وقد جعل علقمة بن عبدة الطير تتبع الحي المحتملين؛ لأنهم يزينون الهوادج بحمر