للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أهل الأمصار وغيرهن. ولما مدح ذو الرمة بلال بن أبي بردة جعل جده أبا موسى الأشعري حواريًا للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: [الوافر]

حواري النبي ومن أناسٍ ... هم من خير من وطئ النعالا

ويقال: شرع النبي شرعًا للأمة: إذا جعل لهم دينًا يتبعونه, وهي الشريعة, ومعنى البيت: أن الحواريين الذين ذكروا في الكتاب العزيز لو رأوا هذا الممدوح لجعلوا شرعهم مبنيًا على محبته؛ أي كانوا يأمرون من تبعهم أن يجعل محبته من الديانة, وهذا غلو يجب أن يستغفر منه.

وقوله:

ذم الدمستق عينيه وقد طلعت ... سود الغمام فظنوا أنها قزع

يقال في المنثور: عينيه, بهاءٍ مكسورةٍ, وهي أفصح اللغات. ويجوز أن تتبع الكسرة بياءٍ لتبين. وضم الهاء جائز, وإن كان قبلها ياء, فيقال: عينيه, ويتبعون الضمة واواً حرصاً على البيان في بعض اللغات. والشعراء يصرفون هذه الهاء على ما يحتمله الوزن, فإن كان يحتاج إلى أن تتبع ياء كراهة زحافٍ أو كسرٍ جاؤوا بالياء, وهذا الموضع جيء بها فيه لأنها لو تركت لحدث في البيت زحاف يكرهه السمع. ولو ضم الهاء منشد لوجب أن يتبعها واواً؛ لأنه إذا لم يفعل حدث ذلك الزحاف. والقزع: سحائب مفترقة, وفي الحديث: «فعندها يضرب يعسوب الدين بذنبه فتجتمع إليه فرق المسلمين كما يجتمع قزع الخريف». ويقال للشعر المفترق في الرأس: قزع. وفي الحديث المأثور: «أنه نهى عن القزع» وذلك أن يحلق الرأس ويترك في نواحيه شيء من الشعر. ومنه اشتقاق القنزعة والنون زائدة, وتستعمل القنزعة في الشعر والريش. قال ذو الرمة: [الطويل]

<<  <   >  >>