ينؤن ولم يكسين إلا قنازعًا ... من الريش تنواء القلاص الهزائل
والمعنى أن أوائل جيش هذا الممدوح نظر إليها الدمستق فظن أنها خيل قليلة, مثل قزع السحاب ولم يعلم أنها في جيشٍ لجبٍ كأنه الغمائم السود في ألباس السماء, ويجوز أن يعني بالقزع غبارًا قليلًا مفترقًا وبسود الغمام عجاجًا ساترًا.
وقوله:
فيها الكماة التي مفطومها رجل ... على الجياد التي حوليها جذع
أصل الجذع أن يستعمل في أسنان الخيل, وذوات الحافر, وفي الإبل, وغيرها من الضأن والمعز؛ إلا أنها كلمة كثرت حتى قالوا للأمر إذا كان قد أدبر أو خلص منه, ثم فعل فاعل ما يرده: قد رده جذعًا؛ أي: أعاده في أوله, ويقولون في الحرب: ردها جذعةً؛ أي: ردها في أول أمرها, ثم اتسعوا في الحرب, فقالوا: حرب رباعية (١٠١/ب) , فيجوز أن يريدوا تشبيهها بالرباعية من الدواب؛ لأنها أقوى من الجذعة. قال الشاعر: [المديد]
إنها حرب رباعية ... مثلها آتى الفتى ذكره
وقال آخر: [البسيط]
لأصبحن ظالمًا حربًا رباعيةً ... فاقعد لها ودعن عنك الأظانينا
وزعم بعض الناس أن أصل قولهم: ردها جذعةً أن رجلًا حذف ذنب فرسه وعرفها, فقيل: ردها جذعةً؛ أي: كأنها لم تسن, ولم يطل شعر ذنبها وعرفها. والجذاع حي من بني تميم بن مر وهم المعنيون في قول الشاعر: [الطويل]
أراد حصين أن يسود جذاعه ... فأضحى حصين قد أذل وأقهرا
والفطام: يستعمل في الناس, وغيرهم, قال الراجز: [الرجز]