للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنشد الفراء: [البسيط]

لدن كبيرًا إلى أن مسه الخرف

لأن لدن إذا وقعت على الزمان فقد صارت من أسمائه, فجاز أن يقع بعدها الفعل كما يقال: جئتك حين جاء فلان, وآتيك حين يقدم الحاج. واستعار الأرحام للشعر والمال, كما تفعل الشعراء فتخرج الأشياء من أصولها مستعارةً, فيقولون: يد الدهر, وماء الصبابة, وغمام العطاء, ونحو ذلك.

وقوله:

فتًى ألف جزءٍ رأيه في زمانه ... أقل جزيءٍ بعضه الرأي أجمع

هذا بيت لابد فيه من تقدير محذوفٍ, وإلا لم يصح معناه, وقوله: رأيه في زمانه في موضع مبتدأ, كأنه قال: فتًى رأيه في زمانه ألف جزءٍ أقل جزيءٍ منه, فكأن قوله: أقل جزيءٍ متصل بقوله: ألف جزءٍ, وقوله: أقل جزيءٍ: مبتدأ, وهو كالصفة لجزءٍ, ومثل هذا الحذف قليل جدًا, وبعضه: مبتدأ, والرأي أجمع: خبر لبعضٍ, وبعض وما بعدها في موضع وصفٍ لجزيءٍ, والهاء في بعضه عائدة على جزيءٍ.

وقوله:

غمام علينا ممطر ليس يقشع ... ولا البرق فيه خلبا ليس يلمع

الغمام: جمع غمامة, وهو مأخوذ من الم؛ أي: الستر, كأنه يغم الشمس. قال الهذلي: [الطويل]

كأن الغلام الحنظلي أجاره ... يمانية قد غم مفرقها القمل

ويقال: أقشع السحاب: إذا تجلى, وقشعته الريح إذا سفرته, وهذا أحد ما جاء على أفعل الشيء وفعله غيره, مثل: أكب لوجهه وكبه غيره, وله أمثال كثيرة. وبرق خلب؛ أي: خادع.

<<  <   >  >>