أحدهما فاتك والآخر عضد الدولة, ومدح أيضًا شجاع بن محمد المنبجي. وإذا نقل شجاع من التسمية إلى قولهم لضرب من الحيات: شجاع؛ فهو من هذا الباب كالنعت؛ لأن ذلك الضرب من الحيات إنما قيل له: شجاع لإقدامه وخفته.
وقوله:
كما نظن دياره مملوءة ... ذهبًا فمات وكل دارٍ بلقع
يريد أنها بلقع من الذهب, ليس فيها شيء منه. وقد دل البيت الذي بعد هذا على أن الصوارم والقنا في دياره, وكذلك المكارم؛ لأنه قال:
وإذا المكارم والصوارم والقنا ... وبنات أعوج كل شيءٍ يجمع
فأما ما يقع عليه اسم المكرمة فلا يشغل مكانًا, وأما السيوف والرماح فتشغل الأماكن؛ فلا يجوز أن يقال للمكان إذا كانت فيه: بلقع, إلا أن يعنى أنه خالٍ من غيرها. وفي الحديث: «الأيمان الكاذبة تذر الديار بلاقع»؛ أي: تخليها من أهلها.
وأعوج: لإحل من فحول الخيل, وهما أعوجان: أعوج الأول, وأعوج الثاني, وبناته تقع على الذكور والإناث؛ لأن ما لا يعقل يجمع بالألف والتاء, فيقال في جمع ابن عرسٍ: بنات عرسٍ, وكذلك في جمع ابن ماءٍ من الطير: بنات ماءٍ, وقالوا لضرب من الكمأة: ابن أوبر, وفي جمعه: بنات أوبر. والمعنى: أن هذا المذكور لم يكن يجمع شيئًا إلا المكارم والصوارم والقنا. والمكارم (١٠٧/أ) مرفوعة بالابتداء, وكل خبرها.
وقوله:
المجد أخسر والمكارم صفقةً ... من أن يعيش لها الكريم الأروع
الصفقة من قولهم: صفق المتبايعان إذا فصلا البيع. ومن أمثالهم: «صفقة لم يشهدها حاطب». وحاطب هذا يقال: إنه حاطب بن أبي بلتعة, وكان رجلًا حازمًا, لإباع رجل من أهله شيئًا أو اشتراه فغبن فيه, فقيلت هذه المقالة؛ أي: لو كان حاطب حاضرًا لم يغبن رجل من أهله أو أصحابه, ثم قيل ذلك في كل رجل يغبن في بيعٍ.