وقوله:
وتفتر منه عن خصالٍ كأنها ... ثنايا حبيبٍ لا يمل لها الرشف
في تفتر ضمير يعود إلى المكرمات, وأصل الافترار فتح الفم, يقال: فررت فم الدابة إذا فرقت بين جحلفتيه لتعرف ما سنه. ويقال في المثل: «عينه فراره»؛ أي إذا نظرت إلى شخصه دلك منظره على مخبره, قال الراجز يصف الذئب: [الرجز]
هو الخبيث عينه فراره ... أطلس يخفي شخصه غباره
في فمه شفرته وناره ... بهم بني مخارقٍ مزداره
يوجد في النسخ القديمة: فراره, بالكسر والضم, وليس في نسخةٍ واحدةٍ؛ بل في نسخةٍ بالضم, وفي نسخةٍ بالكسر. والرشف من قولهم: رشفت الماء: إذا أخذته قليلًا قليلًا, ومن أمثالهم: «الجرع أروى والرشيف أشرب».
وقوله:
ولا الفضة البيضاء والتبر واحدًا ... نفوعان للمكدي وبينهما صرف
إنما قيل لها: فضة؛ لأنها تفض؛ أي: تفرق, وقيل للذهب: تبر؛ لأنه يتبر في النفقة؛ أي: يهلك, وربما خصوا بالتبر ذهب المعدن دون غيره؛ ولذلك قيل له: ذهب؛ لأنه يذهب في مآرب الناس. والمكدي: القليل الخير. ونفوعان: مرفوع؛ لأنه خبر مبتدأٍ محذوفٍ, كأنه قال: هما نفوعان.
وقوله:
ولست بدونٍ يرتجى الغيث دونه ... ولا منتهى الجود الذي خلفه خلف
قد مضى القول في دون, وأنها تستعمل ظرفًا واسمًا, وتجعل مرةً إغراءً؛ فمن كونها ظرفًا قول زهير: [البسيط]