للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

جاعلٍ درعه منيته إن ... لم يكن دونها من العار واق

هذا معنى لطيف, والغرض فيه أن هذا الذمر لا يلبس درعًا, لأن العرب تفضل الذي يشهد الحرب حاسرًا على الذي شهدها دارعًا, قال الشاعر: [الطويل]

فلم أر يومًا كان أكثر سالبًا ... ومستلبًا سرباله لا يناكر

وأكثر منا ناشئًا يطلب العلى ... يجالد قرنًا دارعًا وهو حاسر

ويقال: إن كثيرًا لما أنشد عبد الملك قوله في مدحه: [الطويل]

على ابن أبي العاصي دلاص حصينة ... أجاد المسدي سردها وأذالها

قال له عبد الملك: ما قال الأعشى أحسن مما قلت؛ يعني قوله: [الكامل]

وإذا تجيء كتيبة ملمومة ... شهباء يخشى الدارعون نكالها

كنت المقدم غير لابس جنةٍ ... بالسيف تضرب معلمًا أبطالها

والذي أراد أبو الطيب أن هذا الفارس جعل منيته مثل الدرع يتقي بها الذم.

وقوله:

كرم خشن الجوانب منهم ... فهو كالماء في الشفار الرقاق

يريد أنهم كرام وكرمهم خشن جوانبهم فهو محمود في التخشين, كما أن الماء يخشن شفار السيوف فلها به فخر, وقد وصفت الشعراء الكريم, وشبهته بالسيف في خشونته ولينه, قال الشاعر: [الطويل]

كريم يغض الطرف فضل حيائه ... ويدنو وأطراف الرماح دوان

وكالسيف إن لاينته لان مسه ... وحداه إن خاشنته خشنان

<<  <   >  >>