للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

شاعر المجد خدنه شاعر اللفـ ... ظ كلانا رب المعاني الدقاق

إنما قيل للشاعر: شاعر؛ لأنه يشعر بما لا يشعر به غيره؛ أي: يعلم. وقول الناس: ليت شعري؛ أي: ليت علمي, فجعل القائل الممدوح يشعر من المجد بما لا يشعر به سواه من الأمجاد.

وقوله:

لم تزل تسمع المديح ولكن ... ن صهال الجياد غير النهاق

يقال: صهيل وصهال, ونهيق ونهاق. وفعيل وفعال يشتركان كثيرًا, كما قالوا: طويل وطوال, وسريع وسراع, وإذا كان فعيل نعتًا جاء فيه فعال وفعال بالتشديد, وأنشد الفراء: [الرجز]

جاؤوا بصيدٍ عجبٍ من العجب ... أزيرق العينين طوال الذنب

وكان يعتقد أن سيدًا وطيبًا أصله فعيل, كأن أصل سيدٍ سويد, واحتج بانهم قالوا: طيب وطياب, كما قالوا: طوال, وأنشد: [الرجز]

إنا بذلنا دونها الضرابا ... لما وجدنا ماءها طيابا

وقوله:

ليت لي مثل جد ذا الدهر في الأد ... هر أو رزقه من الأرزاق

أنت فيه وكان كل زمانٍ ... يشتهي بعض ذا على الخلاق

هذا معنى لم يسبق إليه أحد من الشعراء؛ لأنه جعل الدهر الذي فيه الممدوح له جد؛ أي: حظ لم يرزقه سواه, وجعل الأزمنة كلها تشتهي بعض ذلك على الخلاق جلت عظمته. وقافية هذه القصيدة من المتواتر, وهي القاف والياء التي بعدها, وهي على رأي الخليل من آخر ساكنٍ في البيت إلى أول ساكنٍ يليه مثل قوله: شاقي, من العشاق, وهاقي, من النهاق ونحو ذلك (١٢٧/أ).

<<  <   >  >>