للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالت أم تأبط شرًا وهي ترثيه:

وابناه ... وابن الليل ... ليس بزميل ... شروبٍ للقيل ... يضرب بالذيل ... كمقرب الخيل

وابناه ... ليس بعلفوف ... تلفه هوف ... حشي من صوف

فقولها: كمقرب الخيل: يدل على أنهم كانوا يقربون الذكور كما يقربون الإناث, والزميل: الضعيف الذي يتزمل في ثيابه وينام. والعلفوف: الجافي, والهوف: ريح حارة تأتي من قبل اليمن, والقيل: شرب نصف النهار. يقول: إن الخيل وإن كانت سوابق نواجي فإن الليالي تدركها وتدرك فوارسها بالسير الذي ليس بشديدٍ؛ لأن الخبب عندهم أول العدو وأخفه.

وقوله:

وهان فما أبالي بالرزايا ... لأني ما انتفعت بأن أبالي

سكن الياء في أبالي, وقد مضى القول في ذلك. وأصل المبالاة: أن تستعمل في النفي, كما قال الأعشى: [الخفيف]

إن يعاقب يكن غرامًا وإن يعـ ... ـط جزيلًا فإنه لا يبالي

وربما استعملوه باليت في غير النفي؛ وذلك إذا جاء في آخر الكلام نفي, كما قال زهير: [الوافر]

لقد باليت مظعن أم أوفى ... ولكن أم أوفى لا تبالي

ولا يمتنع أن يكون قولهم: باليت مأخوذًا من بال الإنسان, وهو خلده, وما يجري فيه, ويكون محمولًا على القلب, كأن أصله باولته أي جرى على بالي, ثم قلبوا كما قالوا: لائث بالمكان أي مطيف به, ثم قالوا: لاثٍ وهي من باب قولهم: سلاح شائك وشاكٍ, قال العجاج: [الرجز]

لاثٍ به الأشاء والعبري

الأشاء: صغار النخل, والعبري: ما نبت من السدر على الأنهار.

<<  <   >  >>