وقوله:
ولم أر أعصى منك للحزن عبرةً ... وأثبت عقلًا والقلوب بلا عقل
تخون المنايا عهده في سليله ... وتنصره بين الفوارس والرجل
قوله: أعصى منك وصف لموصوف قد حذف, كأنه قال: ولم أر رجلًا أعصى منك؛ فلذلك جاء (١٤١/ب) مجيء الهاء في سليله وهي عائدة على المحذوف.
وقوله:
ويبقى على مر الحوادث صبره ... ويبدو كما يبدو الفرند على الصقل
الفرند: جوهر السيف وماؤه, يقال فرند وبرند وهو معرب, وليس له في كلام العرب نظائر؛ لأن نونه إن جعلت أصلية فوزنه: فعل؛ وإنما جاء فعل بالتشديد مثل قولهم: فرس طمر, وحمر في اسم موضع؛ فإن جعلت النون زائدة فوزنه فعنل وليس في كلامهم مثل ذلك؛ إلا أن يكون شاذًا. ولقائل أن يقول: إن النون في فرند زائدة, وإنه مأخوذ من انفراد؛ أي إن هذا الشيء مما ينفرد به السيف, وقد قالوا: فرنداد في اسم موضعٍ, قال ذو الرمة: [البسيط]
تنفي الطوارف عنه دعصتا بقرٍ ... ويافع من فرندادين ملموم
وقوله:
يرد أبو الشبل الخميس عن ابنه ... ويسلمه عند الولادة للنمل
هذا البيت مثل في أن العظيم القدر يجوز أن تجيئه الرزية من الحقير الذليل, كما أن الأسد تهابه الوحوش والأنعام وبنو آدم, وربما قتلت ولده النمل, وربما تجتمع عليه حين يولد فلا يقدر الأسد على دفعهن. وكأنه أراد أن الموت كالسارق ليس له شخص يدرك, وكذلك عبر المفسرون اللص إذا رئي في المنام بأنه ملك الموت, ولو ظهر الموت في صورة شخص لجاز أن يدفعه هذا الممدوح.
وقوله:
بنفسي وليد عاد من بعد حمله ... إلى بطن أم لا تحرق بالحمل