يقول: طفل هؤلاء القوم لا يقدر على النطق, لأنه كغيره من الأطفال؛ إلا أن من نظر إليه دلته المخيلة في أعطافه على أنه يكون منطيقًا, وقد يجوز أن يكون المراد: أن هذا المولود كأن فضله ينطق وإن كان صامتًا.
وقوله:
تسليهم علياؤهم عن مصابهم ... ويشغلهم كسب الثناء عن الشغل
المصاب في هذا البيت يحتمل أن يكون الطفل الذي أصيب, ويحتمل أن يكون المصيبة نفسها؛ إلا أن الفعل الماضي إذا كان على أربعة أحرف استوى فيه لفظ المفعول والمصدر والزمان والمكان, وكذلك جميع الأفعال الرباعية بزوائد كانت أو غير زوائد.
وقوله:
أقل بلاءً بالرزايا من القنا ... وأقدم بين الجحفلين من النبل
البلاء مصدر باليت, وهذا اللفظ مطرد في مصدر فاعلت؛ إلا أن مصدر باليت غير مترددٍ في الشعر. يقول: هؤلاء القوم لا يبالون برزايا الحرب. وجعلهم أصبر على ما يلقون من الرماح؛ لأنها لا تحس بانحطامٍ ولا كسرٍ ولا تحفل بذلك, وجعلهم أسرع إلى حرب العدو من النبل وهو من أسرع ما يكون.
وقوله:
عزاءك سيف الدولة المقتدى به ... فإنك نصل والشدائد للنصل
نصب عزاءك على الإغراء, كأنه قال: عليك عزاءك؛ أي استعمله, وخبره أنه نصل, والشدائد إنما تلقاها النصال؛ وذلك أن السيف هو الذي يضرب به؛ فيلقى شدة الدرع والجوشن, وطال ما نحطم وانفل كما قال القائل: [الطويل]
وإنا لنعطي المشرفية حقها ... فتقطع في أيماننا وتقطع
وكذلك السنان ربما طعن به فانحطم أو نصل, قال أبو دوادٍ: [المتقاربٍ]
ووالى ثلاثًا فخر السنا ... ن إما نصولا وإما انكسارا