وقوله:
والثبات الذي أجادوا قديمًا ... علم الثابتين ذا الإجفالا
يقول: أجادوا الثبات فيما سلف من الدهر؛ فأداهم ذلك إلى القتل؛ فكأنه علم الثابتين السالمين أن يجفلوا حذار أن يصيبهم كما أصاب من تقدم.
وقوله:
تحمل الريح بينهم شعر الها ... م وتذري عليهم الأوصالا
يقول: نزل هذا الجيش في موضع جيشٍ أولٍ أوقع به, وكان في الجيش الهالك أقارب هؤلاء القوم؛ فجعلوا يندبونهم, والريح تحمل بينهم شعر الهام وتذري الأوصال, وهي جمع وصلٍ أي عضوٍ, وإنما قيل للعضو: وصل لأنه يوصل بغيره.
وقوله:
أبصروا الطعن في القلوب دراكًا ... قبل أن يبصروا الرماح خيالا
يقول: اعتبر المتأخرون منهم بالمتقدمين؛ فكأنهم أبصروا الطعن دراكًا بقلوبهم, وبينهم وبين من يطلبهم مسافة بعيدة, ففروا قبل أن ينظروا إلى خيال الرماح.
وقوله:
بسط الرعب في اليمين يمينًا ... فتولوا وفي الشمال شمالا
المعنى: أنهم رعبوا وخافوا أن يصيبهم كما أصاب من قبلهم؛ فكأن الرعب بسط في اليمين من جيشهم؛ أي ميمنته؛ ميمنةً تقاتلهم, وفي الشمال شمالًا, أي في ميسرته ميسرةً.
وقوله:
أقسموا لا رأوك إلا بقلبٍ ... طال ما غرت العيون الرجالا
أي حلفوا أنهم لا يروك إلا بقلوبهم, وقد علموا أن الغلبة لك, فهم لا يثبتون للقاء, فينظرون إليك بعيونهم؛ لأن العين طال ما غرت الناظر, فيتوهم ما لاح له شيئًا غيره.
وقوله:
أي عينٍ تأملتك فلا قتـ ... ـك وطرفٍ رنا إليك فآلا