للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لهم اللَّهُ - تَعَالَى - صُنْعَهُ فَقَالَ: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [الغاشية: ١٧] وكانت الإبل أعظم عَيْشِ الْعَرَبِ، لَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كثيرة فكما صَنَعَ لَهُمْ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا صَنَعَ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ فِيهَا مَا صنع.

[١٨] {وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ} [الغاشية: ١٨] عَنِ الْأَرْضِ حَتَّى لَا يَنَالَهَا شيء يغيرها.

[١٩] {وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ} [الغاشية: ١٩] عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُرْسَاةً لَا تَزُولُ.

[٢٠] {وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية: ٢٠] بُسِطَتْ، قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هَلْ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَ الْإِبِلِ أَوْ يَرْفَعَ مِثْلَ السَّمَاءِ أَوْ يَنْصِبَ مِثْلَ الْجِبَالِ أَوْ يَسْطَحَ مِثْلَ الْأَرْضِ غَيْرِي؟

[٢١ - ٢٢] {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ - لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ} [الغاشية: ٢١ - ٢٢] بِمُسَلَّطٍ فَتَقْتُلَهُمْ وَتُكْرِهَهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ، نَسَخَتْهَا آيَةُ الْقِتَالِ.

[٢٣] {إِلَّا مَنْ تَوَلَّى} [الغاشية: ٢٣] اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ عَمَّا قَبْلَهُ مَعْنَاهُ لكن من تولى، {وَكَفَرَ} [الغاشية: ٢٣] بَعْدَ التَّذْكِيرِ.

[٢٤] {فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ} [الغاشية: ٢٤] وهو أن بدخله النار. وإنما قالط الْأَكْبَرَ لِأَنَّهُمْ عُذِّبُوا فِي الدُّنْيَا بِالْجُوعِ وَالْقَحْطِ وَالْقَتْلِ وَالْأَسْرِ.

[٢٥] {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ} [الغاشية: ٢٥] رُجُوعَهُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ، يُقَالُ: آبَ يئوت أوبا وإيابا.

[٢٦] {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} [الغَاشَيَةِ: ٢٦] يَعْنِي جَزَاءَهُمْ بَعْدَ الْمَرْجِعِ إِلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -.

[سُورَةُ الْفَجْرَ]

[قوله تعالى وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ] . . .

(٨٩) سورة الفجر [١] {وَالْفَجْرِ} [الفجر: ١] أَقْسَمَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - بِالْفَجْرِ، رَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ انْفِجَارُ الصُّبْحِ كُلَّ يَوْمٍ. وَهُوَ قَوْلُ عِكْرِمَةَ، وقال عطية عنه: صلاة لصبح، وَقَالَ قَتَادَةُ: هُوَ فَجْرُ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ تَنْفَجِرُ مِنْهُ السَّنَةُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: فَجْرُ ذِي الحجة لأنه قرن بِهِ اللَّيَالِي الْعَشْرُ.

[٢] {وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: ٢] رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهَا الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وقال أبو روق عن الضحاك: هي العشر الأول من شهر رمضان. وَرَوَى أَبُو ظَبْيَانَ عَنِ ابْنِ عباس قال: هِيَ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ مِنْ شَهْرِ رمضان. وقال يمن بْنُ رَبَابٍ: هِيَ الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنَ الْمُحَرَّمِ الَّتِي عَاشِرُهَا يَوْمُ عاشوراء.

[٣] {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} [الفجر: ٣] اختلفوا فِي الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ، قِيلَ: الشَّفْعُ الْخَلْقُ، قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} [النبأ: ٨] وَالْوَتْرُ: هُوَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَمَسْرُوقٌ: الشَّفْعُ الْخَلْقُ كله، والوتر هو الله، قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الْإِخْلَاصِ: ١] قَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ زَيْدٍ: الشَّفْعُ وَالْوَتْرُ الْخَلْقُ كُلُّهُ مِنْهُ شَفْعٌ وَمِنْهُ وَتْرٌ. وَرَوَى قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: هُوَ الْعَدَدُ مِنْهُ شَفْعٌ وَمِنْهُ وَتْرٌ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هَمَا الصَّلَوَاتُ منها شفع ومنها وتر.

[٤] {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} [الفجر: ٤] أَيْ إِذَا سَارَ وَذَهَبَ كَمَا قال: {وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ} [الْمُدَّثِّرِ: ٣٣] وَقَالَ قَتَادَةُ: إِذَا جَاءَ وَأَقْبَلَ وَأَرَادَ كل ليلة.

[٥] {هَلْ فِي ذَلِكَ} [الفجر: ٥] أي فيما ذكرت، {قَسَمٌ} [الفجر: ٥] أَيْ مَقْنَعٌ وَمُكْتَفًى فِي الْقَسَمِ، {لِذِي حِجْرٍ} [الفجر: ٥] للذي عَقْلٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَحْجُرُ صَاحِبَهُ عَمًّا لَا يَحِلُّ وَلَا يَنْبَغِي، وَأَصْلُ الْحَجْرِ الْمَنْعُ وَجَوَابُ الْقَسَمِ قَوْلُهُ: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: ١٤] وَاعْتَرَضَ بَيْنَ الْقَسَمِ وَجَوَابِهِ قَوْلُهُ - عز وجل -:

[٦ - ٧] {أَلَمْ تَرَ} [الفجر: ٦] قَالَ الفَرَّاءُ: أَلَمْ تُخْبَرْ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَلَمْ تَعْلَمْ وَمَعْنَاهُ التَّعَجُّبُ. {كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ - إِرَمَ} [الفجر: ٦ - ٧] يُخَوِّفُ أَهْلَ مَكَّةَ يَعْنِي كَيْفَ أَهْلَكَهُمْ، وَهُمْ كَانُوا أَطْوَلَ أَعْمَارًا وَأَشَدَّ قُوَّةً مِنْ هَؤُلَاءِ، وَاخْتَلَفُوا في إرم فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} [الفجر: ٧] دِمَشْقُ، وَبِهِ قَالَ عِكْرِمَةُ، وَقَالَ الْقُرَظِيُّ: هِيَ الْإِسْكَنْدَرِيَّةُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هي أمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>