للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ} [غَافِرٍ: ٥] فَكَفَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ مَنْ عَادَاهُمْ {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [الزمر: ٣٦] وَذَلِكَ أَنَّهُمْ خَوَّفُوا النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم معرة معاداة الْأَوْثَانِ. وَقَالُوا: لَتَكُفَّنَّ عَنْ شَتْمِ آلِهَتِنَا أَوْ لَيُصِيبَنَّكَ مِنْهُمْ خَبَلٌ أَوْ جُنُونٌ، {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر: ٢٣]

[٣٧] {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ} [الزمر: ٣٧] مَنِيعٌ فِي مُلْكِهِ مُنْتَقِمٌ مِنْ أَعْدَائِهِ.

[٣٨] {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ} [الزمر: ٣٨] بِشِدَّةٍ وَبَلَاءٍ، {هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ} [الزمر: ٣٨] بِنِعْمَةٍ وَبَرَكَةٍ، {هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ} [الزمر: ٣٨] قَرَأَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ (كَاشِفَاتٌ) وَ (ممسكات) بالتنوين، (ضره) و (رحمته) بِنَصْبِ الرَّاءِ وَالتَّاءِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِلَا تَنْوِينٍ وَجَرِّ الرَّاءِ وَالتَّاءِ عَلَى الْإِضَافَةِ، قَالَ مُقَاتِلٌ: فَسَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَسَكَتُوا، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: {قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ} [الزمر: ٣٨] ثِقَتِي بِهِ وَاعْتِمَادِي عَلَيْهِ، {عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} [الزمر: ٣٨] يَثِقُ بِهِ الْوَاثِقُونَ.

[٣٩، ٤٠] {قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ - مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ} [الزمر: ٣٩ - ٤٠] أَيْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ عَذَابٌ دَائِمٌ.

[قوله تعالى إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ] فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا. . .

[٤١] {إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} [الزمر: ٤١] وَبَالُ ضَلَالَتِهِ عَلَيْهِ، {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} [الزمر: ٤١] بِحَفِيظٍ وَرَقِيبٍ لَمْ تُوَكَّلْ بِهِمْ ولا تؤخذ بِهِمْ.

[٤٢] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ} [الزمر: ٤٢] أي الأرواح، {حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: ٤٢] فَيَقْبِضُهَا عِنْدَ فَنَاءِ أَكْلِهَا وَانْقِضَاءِ آجالها، وقوله: {حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: ٤٢] يُرِيدُ مَوْتَ أَجْسَادِهَا. {وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ} [الزمر: ٤٢] يُرِيدُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ الَّتِي لَمْ تمت، {فِي مَنَامِهَا} [الزمر: ٤٢] وَالَّتِي تُتَوَفَّى عِنْدَ النَّوْمِ هِيَ النَّفْسُ الَّتِي يَكُونُ بِهَا الْعَقْلُ وَالتَّمْيِيزُ، وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ نَفْسَانِ إِحْدَاهُمَا نَفْسُ الْحَيَاةِ وَهِيَ الَّتِي تُفَارِقُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَتَزُولُ بِزَوَالِهَا النَّفْسُ، وَالْأُخْرَى نَفْسُ التَّمْيِيزِ وَهِيَ الَّتِي تُفَارِقُهُ إِذَا نَامَ، وَهُوَ بَعْدَ النَّوْمِ يَتَنَفَّسُ. {فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ} [الزمر: ٤٢] فَلَا يَرُدُّهَا إِلَى الْجَسَدِ، قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ (قُضِيَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الضَّادِ وَفَتْحِ الْيَاءِ، (الْمَوْتُ) رُفِعَ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالضَّادِ، (الْمَوْتَ) نُصِبَ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ) . {وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى} [الزمر: ٤٢] وَيَرُدُّ الْأُخْرَى، وَهِيَ الَّتِي لَمْ يَقْضِ عَلَيْهَا الْمَوْتَ، إِلَى الْجَسَدِ، {إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر: ٤٢] إِلَى أَنْ يَأْتِيَ وَقْتُ مَوْتِهِ، وَيُقَالُ لِلْإِنْسَانِ نَفْسٌ وَرُوحٌ، فَعِنْدَ النوم يخرج النفس ويبقى الرُّوحُ. وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: تَخْرُجُ الرُّوحُ عِنْدَ النَّوْمِ وَيَبْقَى شُعَاعُهُ فِي الْجَسَدِ، فَبِذَلِكَ يَرَى الرُّؤْيَا فَإِذَا انْتَبَهَ مِنَ النَّوْمِ عَادَ الروح إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>