للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٩٤] {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [الأعراف: ١٩٤] يعني الأصنام، {عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأعراف: ١٩٤] يُرِيدُ أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ أَمْثَالُكُمْ. وَقِيلَ: أَمْثَالُكُمْ فِي التَّسْخِيرِ، أَيْ: أَنَّهُمْ مُسَخَّرُونَ مُذَلَّلُونَ لِمَا أُرِيدَ مِنْهُمْ. قَالَ مُقَاتِلٌ: قَوْلُهُ: {عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأعراف: ١٩٤] أَرَادَ بِهِ الْمَلَائِكَةَ، وَالْخِطَابُ مَعَ قَوْمٍ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْمَلَائِكَةَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. {فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الأعراف: ١٩٤] أَنَّهَا آلِهَةٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فاعبدوهم هل يثيبونكم، أو يجازونكم إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ أَنَّ لَكُمْ عِنْدَهَا مَنْفَعَةً. ثُمَّ بَيَّنَ عَجْزَهُمْ فَقَالَ:

[١٩٥] {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا} [الأعراف: ١٩٥] قرأ أبو جعفر بضم الطاء هُنَا وَفِي الْقَصَصِ وَالدُّخَانِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِكَسْرِ الطَّاءِ {أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} [الأعراف: ١٩٥] أَرَادَ أَنَّ قُدْرَةَ الْمَخْلُوقِينَ تَكُونُ بِهَذِهِ الْجَوَارِحِ وَالْآلَاتِ، وَلَيْسَتْ لِلْأَصْنَامِ هذه الآلات، فأنتم مفضلون عليهم بِالْأَرْجُلِ الْمَاشِيَةِ وَالْأَيْدِي الْبَاطِشَةِ وَالْأَعْيُنِ الباصرة والأذن السَّامِعَةِ، فَكَيْفَ تَعْبُدُونَ مَنْ أَنْتُمْ أَفْضَلُ وَأَقْدَرُ مِنْهُمْ؟ {قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ} [الأعراف: ١٩٥] يَا مَعْشَرَ الْمُشْرِكِينَ {ثُمَّ كِيدُونِ} [الأعراف: ١٩٥] أنتم وهم، {فَلَا تُنْظِرُونِ} [الأعراف: ١٩٥] أَيْ: لَا تُمْهِلُونِي، وَاعْجَلُوا فِي كيدي.

[قوله تعالى إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ] يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ. . . .

[١٩٦] قَوْلُهُ: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ} [الأعراف: ١٩٦] يَعْنِي الْقُرْآنَ، أَيْ: أَنَّهُ يَتَوَلَّانِي وَيَنْصُرُنِي كَمَا أَيَّدَنِي بِإِنْزَالِ الْكِتَابِ، {وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} [الأعراف: ١٩٦] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: يُرِيدُ الَّذِينَ لَا يَعْدِلُونَ بِاللَّهِ شَيْئًا فَاللَّهُ يَتَوَلَّاهُمْ بِنَصْرِهِ فَلَا يَضُرُّهُمْ عَدَاوَةُ مَنْ عَادَاهُمْ.

[١٩٧] {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ} [الأعراف: ١٩٧]

[١٩٨] {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا} [الأعراف: ١٩٨] يعني الأصنام، {وَتَرَاهُمْ} [الأعراف: ١٩٨] يا محمد {يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ} [الأعراف: ١٩٨] يَعْنِي الْأَصْنَامَ، {وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} [الأعراف: ١٩٨] وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ النَّظَرِ حَقِيقَةَ النَّظَرِ إِنَّمَا الْمُرَادُ مِنْهُ الْمُقَابَلَةُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: دَارِي تَنْظُرُ إِلَى دَارِكَ أَيْ: تُقَابِلُهَا. وَقِيلَ: وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ أَيْ: كَأَنَّهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى} [الْحَجِّ: ٢] أَيْ: كَأَنَّهُمْ سُكَارَى هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى} [الأعراف: ١٩٨] يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ لَا يَسْمَعُوا، وَلَا يفعلون ذَلِكَ بِقُلُوبِهِمْ، وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ بِأَعْيُنِهِمْ، وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ بِقُلُوبِهِمْ.

[١٩٩] قَوْلُهُ تَعَالَى: {خُذِ الْعَفْوَ} [الْأَعْرَافِ: ١٩٩] قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنْ يَأْخُذَ الْعَفْوَ مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: خُذِ العفو يعني العفو من أخلاف النَّاسِ وَأَعْمَالِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَجَسُّسٍ، وَذَلِكَ مِثْلُ قَبُولِ الِاعْتِذَارِ، وَالْعَفْوِ وَالْمُسَاهَلَةِ وَتَرْكِ الْبَحْثِ عَنِ الْأَشْيَاءِ ونحو ذلك وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَالسُّدِّيُّ وَالضَّحَّاكُ وَالْكَلْبِيُّ: يَعْنِي خُذْ مَا عَفَا لَكَ مِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>