وَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} [البقرة: ٨٧] مثل زكريا ويحيى وشعيب، وَسَائِرَ مَنْ قَتَلُوا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام.
[٨٨] {وَقَالُوا} [البقرة: ٨٨] يعني اليهود، {قُلُوبُنَا غُلْفٌ} [البقرة: ٨٨] جمع أغلف وهو الذي عليه غشاوة، معناه: عليها غشاوة فلا تسمع ولا تفقه ما يَقُولُ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ} [البقرة: ٨٨] طَرَدَهُمُ اللَّهُ وَأَبْعَدَهُمْ عَنْ كُلِّ خَيْرٍ {بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: ٨٨] قال قتادة: معناه لا يُؤْمِنَ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ، لِأَنَّ مَنْ آمَنَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَكْثَرُ مِمَّنْ آمَنَ مِنَ الْيَهُودِ، أَيْ: فقليلاً يؤمنون، وَقَالَ مَعْمَرٌ: لَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا بِقَلِيلٍ مِمَّا فِي أَيْدِيهِمْ وَيَكْفُرُونَ بأكثره، أي: فقليل يُؤْمِنُونَ.
[٨٩] {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [البقرة: ٨٩] يعني القرآن {مُصَدِّقٌ} [البقرة: ٨٩] موافق {لِمَا مَعَهُمْ} [البقرة: ٨٩] يعني: التوراة، {وَكَانُوا} [البقرة: ٨٩] يعني: اليهود، {مِنْ قَبْلُ} [البقرة: ٨٩] من قَبْلَ مَبْعَثِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، {يَسْتَفْتِحُونَ} [البقرة: ٨٩] يستنصرون، {عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} [البقرة: ٨٩] عَلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كانوا يقولون إذا أحزنهم أَمْرٌ وَدَهَمَهُمْ عَدُوٌّ: اللَّهُمَّ انْصُرْنَا عَلَيْهِمْ بِالنَّبِيِّ الْمَبْعُوثِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ الَّذِي نَجِدُ صِفَتَهُ فِي التَّوْرَاةِ، فَكَانُوا يُنْصَرُونَ، وَكَانُوا يَقُولُونَ لأعدائهم من المشركين: قد أطل زَمَانُ نَبِيٍّ يَخْرُجُ بِتَصْدِيقِ مَا قُلْنَا فَنَقْتُلُكُمْ مَعَهُ قَتْلَ عَادٍ وَثَمُودَ وَإِرَمَ.
{فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا} [البقرة: ٨٩] يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَعَرَفُوا نَعْتَهُ وَصِفَتَهُ، {كَفَرُوا بِهِ} [البقرة: ٨٩] بَغْيًا وَحَسَدًا، {فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [البقرة: ٨٩]
[٩٠] {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} [البقرة: ٩٠] بِئْسَ وَنِعْمَ فِعْلَانِ مَاضِيَانِ وُضعا لِلْمَدْحِ وَالذَّمِّ، لَا يَتَصَرَّفَانِ تَصَرُّفَ الْأَفْعَالِ، مَعْنَاهُ: بِئْسَ الَّذِي اخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ حِينَ اسْتَبْدَلُوا الْبَاطِلَ بِالْحَقِّ {أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [البقرة: ٩٠] يعني: القرآن، {بَغْيًا} [البقرة: ٩٠] أَيْ: حَسَدًا، وَأَصْلُ الْبَغْيِ: الْفَسَادُ، يقال: بَغَى الْجُرْحُ إِذَا فَسَدَ، وَالْبَغْيُ: الظُّلْمُ، وَأَصْلُهُ الطَّلَبُ، وَالْبَاغِي طَالِبُ الظُّلْمِ وَالْحَاسِدُ يَظْلِمُ الْمَحْسُودَ جَهْدَهُ طَلَبًا لِإِزَالَةِ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْهُ {أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [البقرة: ٩٠] أَيِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ {عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [البقرة: ٩٠] مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {فَبَاءُوا} [البقرة: ٩٠] رجعوا {بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} [البقرة: ٩٠] أي مع غَضَبٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: الْغَضَبُ الْأَوَّلُ بِتَضْيِيعِهِمُ التَّوْرَاةَ وَتَبْدِيلِهِمْ، وَالثَّانِي بِكُفْرِهِمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقُرْآنِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: الأول بكفرهم بعيسى والإنجيل، وَالثَّانِي بِكُفْرِهِمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقُرْآنِ وَقَالَ السُّدِّيُّ: الْأَوَّلُ بِعِبَادَةِ الْعِجْلِ، وَالثَّانِي بِالْكُفْرِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {وَلِلْكَافِرِينَ} [البقرة: ٩٠] الْجَاحِدِينَ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ، {عَذَابٌ مُهِينٌ} [البقرة: ٩٠] مخزٍ يُهانون فيه.
[قَوْلُهُ تَعَالَى وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا] نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءَهُ
[٩١] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [البقرة: ٩١] يَعْنِي: الْقُرْآنَ، {قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا} [البقرة: ٩١] يَعْنِي: التَّوْرَاةَ، يَكْفِينَا ذَلِكَ {وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ} [البقرة: ٩١]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute