يَسْتَوْجِبُهُ. وَقِيلَ: هِيَ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ لِمَنْ قَارَبَهُ الْمَكْرُوهُ. وَأَصْلُهَا من الولي وَهُوَ الْقُرْبُ، قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} [التوبة: ١٢٣]
[٣٦] {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} [القيامة: ٣٦] هَمَلًا لَا يُؤْمَرُ وَلَا يُنْهَى، قال السُّدِّيُّ: مَعْنَاهُ الْمُهْمَلُ وَإِبِلٌ سُدًى إِذَا كَانَتْ تَرْعَى حَيْثُ شَاءَتْ بِلَا رَاعٍ.
[٣٧] {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى} [القيامة: ٣٧] تُصَبُّ فِي الرَّحِمِ، قَرَأَ حَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ: (يُمَنَّى) بِالْيَاءِ وَهِيَ قِرَاءَةُ الْحَسَنِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: بِالتَّاءِ لِأَجْلِ النُّطْفَةِ.
[٣٨] {ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى} [القيامة: ٣٨] فجعل فيه الروح وسوف خَلْقَهُ.
[٣٩] {فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} [القيامة: ٣٩] وخلق مِنْ مَائِهِ أَوْلَادًا ذُكُورًا وَإِنَاثًا.
[٤٠] {أَلَيْسَ ذَلِكَ} [القيامة: ٤٠] الَّذِي فَعَلَ هَذَا، {بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: ٤٠]
[سورة الإنسان]
[قوله تعالى هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ] يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا. . .
(٧٦) سورة الإنسان [١] {هَلْ أَتَى} [الإنسان: ١] قد أتى، {عَلَى الْإِنْسَانِ} [الْإِنْسَانَ: ١] يَعْنِي آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، {حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان: ١] قَبْلَ أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ، {لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} [الإنسان: ١] لَا يُذْكَرُ وَلَا يُعْرَفُ وَلَا يُدْرَى مَا اسْمُهُ وَلَا مَا يُرَادُ بِهِ، يُرِيدُ: كَانَ شَيْئًا وَلَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا، وَذَلِكَ مِنْ حِينِ خَلَقَهُ مِنْ طِينٍ إِلَى أن نفخ فيه الروح.
[٢] {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ} [الْإِنْسَانَ: ٢] يَعْنِي وَلَدَ آدَمَ، {مِنْ نُطْفَةٍ} [الإنسان: ٢] يَعْنِي مَنِيِّ الرَّجُلِ وَمَنِيِّ الْمَرْأَةِ. {أَمْشَاجٍ} [الإنسان: ٢] أَخْلَاطٍ وَاحِدُهَا مَشْجٌ ومَشِيجٌ، مِثْلُ خِدْنٍ وَخَدِينٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَالرَّبِيعُ: يَعْنِي مَاءَ الرَّجُلِ وَمَاءَ الْمَرْأَةِ يَخْتَلِطَانِ فِي الرحم فيكون منهما الولد، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: أَرَادَ بِالْأَمْشَاجِ اخْتِلَافُ أَلْوَانِ النُّطْفَةِ فَنُطْفَةُ الرَّجُلِ بَيْضَاءُ وحمراء وَنُطْفَةُ الْمَرْأَةِ خَضْرَاءُ وَحَمْرَاءُ وَصَفْرَاءُ، وَقَالَ يَمَانٌ: كُلُّ لَوْنَيْنِ اخْتَلَطَا فهو أمشاج، وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ أَطْوَارُ الْخَلْقِ: نُطْفَةً، ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً، ثُمَّ عَظْمًا ثُمَّ يَكْسُوهُ لَحْمًا ثُمَّ يُنْشِئُهُ خَلْقًا آخَرَ. {نَبْتَلِيهِ} [الإنسان: ٢] نَخْتَبِرُهُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [الإنسان: ٢] قال بعض أهل العربية: وفيه تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، مَجَازُهُ: فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا لِنَبْتَلِيَهُ، لِأَنَّ الِابْتِلَاءَ لَا يَقَعُ إِلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْخِلْقَةِ.
[٣] {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} [الإنسان: ٣] أَيْ بَيَّنَّا لَهُ سَبِيلَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالْهُدَى وَالضَّلَالَةِ، وَعَرَّفْنَاهُ طَرِيقَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. {إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان: ٣] إِمَّا مُؤْمِنًا سَعِيدًا وَإِمَّا كَافِرًا شَقِيًّا. وَقِيلَ: مَعْنَى الْكَلَامِ الْجَزَاءُ يَعْنِي بَيَّنَّا لَهُ الطَّرِيقَ إِنْ شَكَرَ أَوْ كَفَرَ.
[٤] ثُمَّ بَيَّنَ مَا لِلْفَرِيقَيْنِ فَقَالَ: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ} [الإنسان: ٤] يعني في جهنم، {وَأَغْلَالًا} [الإنسان: ٤] يعني في أيديهم تغل في أعناقهم، {وَسَعِيرًا} [الإنسان: ٤] وقودا شديدا.