يُعْرَفُ بِهَا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: يُعْرَفُ بِالشَّرِّ كَمَا تُعْرَفُ الشَّاةُ بِزَنَمَتِهَا. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: لَا نحلم أَنَّ اللَّهَ وَصَفَ أَحَدًا وَلَا ذَكَرَ مِنْ عُيُوبِهِ مَا ذَكَرَ مِنْ عُيُوبِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَأَلْحَقَ بِهِ عَارًا لَا يُفَارِقُهُ في الدنيا والآخرة.
[١٤] {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ} [القلم: ١٤] قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَأَبُو بَكْرٍ وَيَعْقُوبُ (أَإِنْ) بالاستفهام وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: بِلَا اسْتِفْهَامٍ عَلَى الْخَبَرِ، فَمَنْ قَرَأَ بِالِاسْتِفْهَامِ فَمَعْنَاهُ: أَلَإِنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ.
[١٥] {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} [القلم: ١٥] أَيْ جَعَلَ مُجَازَاةَ النِّعَمِ الَّتِي خُوِّلَهَا مِنَ الْبَنِينَ وَالْمَالِ الْكُفْرَ بِآيَاتِنَا. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَلَإِنْ كَانَ ذَا مَالِ وَبَنِينَ تُطِيعُهُ. وَمَنْ قَرَأَ عَلَى الْخَبَرِ فَمَعْنَاهُ: لَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ لِأَنَّ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ، أَيْ لَا تُطِعْهُ لِمَالِهِ وَبَنِيهِ، {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} [القلم: ١٥]
[قوله تعالى سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ. . .]
[١٦] ثُمَّ أَوْعَدَهُ فَقَالَ: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} [القلم: ١٦] الْخُرْطُومُ الْأَنْفُ. قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَمُجَاهِدٌ: أَيْ نُسَوِّدُ وَجْهَهُ فَنَجْعَلُ لَهُ عَلَمًا فِي الْآخِرَةِ يُعْرَفُ بِهِ وَهُوَ سَوَادُ الْوَجْهِ. قَالَ الفراء: خص الخرطوم بالسمة وأنه فِي مَذْهَبِ الْوَجْهِ لِأَنَّ بَعْضَ الشَّيْءِ يُعَبِّرُ بِهِ عَنْ كُلِّهِ. وقال ابن عباس: سنحطمه بِالسَّيْفِ، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ: سَنُلْحِقُ بِهِ شيئا لا يفارقه، وَقَدْ أَلْحَقَ اللَّهُ بِمَا ذَكَرَ مِنْ عُيُوبِهِ عَارًا لَا يُفَارِقُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، كَالْوَسْمِ عَلَى الْخُرْطُومِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَالْكِسَائِيُّ: سَنَكْوِيهِ على وجهه.
[١٧ - ١٨] {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ} [القلم: ١٧] يَعْنِي اخْتَبَرْنَا أَهْلَ مَكَّةَ بِالْقَحْطِ والجوع، {كَمَا بَلَوْنَا} [القلم: ١٧] ابتلينا، {أَصْحَابَ الْجَنَّةِ} [القلم: ١٧] بستان باليمن {إِذْ أَقْسَمُوا} [القلم: ١٧] حلفوا، {لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ} [القلم: ١٧] ليقطعن ثَمَرَهَا إِذَا أَصْبَحُوا قَبْلَ أَنْ يعلم المساكين، {وَلَا يَسْتَثْنُونَ} [القلم: ١٨] لا يَقُولُونَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
[١٩] {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ} [القلم: ١٩] عذاب {مِنْ رَبِّكَ} [القلم: ١٩] لَيْلًا وَلَا يَكُونُ الطَّائِفُ إِلَّا بِاللَّيْلِ، وَكَانَ ذَلِكَ الطَّائِفُ نَارًا نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ فَأَحْرَقَتْهَا، {وَهُمْ نَائِمُونَ} [القلم: ١٩]
[٢٠] {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} [القلم: ٢٠] كالليل المظلم الأسود، الْأَسْوَدِ بِلُغَةِ خُزَيْمَةَ.
[٢١] {فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ} [القلم: ٢١] نَادَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا لَمَّا أَصْبَحُوا.
[٢٢] {أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ} [القلم: ٢٢] يَعْنِي الثِّمَارَ وَالزُّرُوعَ وَالْأَعْنَابَ، {إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ} [القلم: ٢٢] قاطعين للنخل.
[٢٣] {فَانْطَلَقُوا} [القلم: ٢٣] مشوا إليها، {وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ} [القلم: ٢٣] يَتَسَارُّونَ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ سِرًّا.
[٢٤] {أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ - وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ} [القلم: ٢٤ - ٢٥] الْحَرْدُ فِي اللُّغَةِ يَكُونُ بِمَعْنَى الْقَصْدِ وَالْمَنْعِ وَالْغَضَبِ، قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ،: عَلَى جِدٍّ وَجَهْدٍ. وَقَالَ الْقُرَظِيُّ وَمُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ: على أمر مجتمع قَدْ أَسَّسُوهُ بَيْنَهُمْ، وَهَذَا عَلَى مَعْنَى الْقَصْدِ لِأَنَّ الْقَاصِدَ إِلَى الشَّيْءِ جَادٌّ مُجْمِعٌ عَلَى الْأَمْرِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْقُتَيْبيُّ: غَدَوْا من بيتهم على منع المساكين، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَسُفْيَانُ: عَلَى حَنَقٍ وَغَضَبٍ مِنَ الْمَسَاكِينِ. وَعَنِ ابْنِ عباس: على قدرة، {قَادِرِينَ} [القلم: ٢٥] عِنْدَ أَنْفُسِهِمْ عَلَى جَنَّتِهِمْ وَثِمَارِهَا لَا يَحُولُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمْ أَحَدٌ.
[٢٦] {فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ} [القلم: ٢٦] أَيْ لَمَّا رَأَوْا الْجَنَّةَ مُحْتَرِقَةً قَالُوا: إِنَّا لَمُخْطِئُونَ الطَّرِيقَ أَضْلَلْنَا مَكَانَ جَنَّتِنَا لَيْسَتْ هَذِهِ بِجَنَّتِنَا.
[٢٧] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} [القلم: ٢٧] حرمنا خيرها ونفعها لمنعنا الْمَسَاكِينَ وَتَرْكِنَا الِاسْتِثْنَاءَ.