للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مفتاح، مفاتيح. وقال قتادة ومقاتل: مفاتيح السماوات وَالْأَرْضِ بِالرِّزْقِ وَالرَّحْمَةِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: خَزَائِنُ الْمَطَرِ وَخَزَائِنُ النَّبَاتِ. {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [الزمر: ٦٣]

[٦٤] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ} [الزمر: ٦٤] ؟ قَالَ مُقَاتِلٌ: وَذَلِكَ أَنَّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ دَعَوْهُ إِلَى دِينِ آبَائِهِ. قَرَأَ أَهْلُ الشَّامِ (تَأْمُرُونَنِي) بِنُونَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ عَلَى الْأَصْلِ، وَقَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِنُونٍ وَاحِدَةٍ خَفِيفَةٍ عَلَى الْحَذْفِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِنُونٍ وَاحِدَةٍ مُشَدَّدَةٍ عَلَى الْإِدْغَامِ.

[٦٥] {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزُّمَرِ: ٦٥] أي الَّذِي عَمِلْتَهُ قَبْلَ الشِّرْكِ وَهَذَا خطاب مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ غَيْرُهُ. وَقِيلَ: هَذَا أَدَبٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ وَتَهْدِيدٌ لِغَيْرِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تعالى عَصَمَهُ مِنَ الشرك. {وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: ٦٥]

[٦٦] {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الزمر: ٦٦] لِإِنْعَامِهِ عَلَيْكَ.

[٦٧] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الزمر: ٦٧] مَا عَظَّمُوهُ حَقَّ عَظَمَتِهِ حِينَ أشركوا به، ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ عَظَمَتِهِ فَقَالَ: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: ٦٧] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: «يطوي الله السماوات يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ ثُمَّ يَطْوِي الْأَرْضِينَ ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ» ، هَذَا حَدِيثٌ صحيح أخرجه مسلم (١) .

[قوله تَعَالَى وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ] وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ. . .

[٦٨] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} [الزُّمَرِ: ٦٨] أَيْ مَاتُوا مِنَ الْفَزَعِ، وَهِيَ النَّفْخَةُ الْأَوْلَى، {إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [الزمر: ٦٨] اختلفوا في الذين استثناهم عَزَّ وَجَلَّ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمْ فِي سُورَةِ النَّمْلِ، قَالَ الْحَسَنُ: إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ يَعْنِي اللَّهَ وحده، {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ} [الزمر: ٦٨] أي في الصور، {أُخْرَى} [الزمر: ٦٨] أَيْ مَرَّةً أُخْرَى، {فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر: ٦٨] مِنْ قُبُورِهِمْ يَنْتَظِرُونَ أَمْرَ اللَّهِ فيهم.

[٦٩] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ} [الزمر: ٦٩] أضاءت، {بِنُورِ رَبِّهَا} [الزمر: ٦٩] بِنُورِ خَالِقِهَا، وَذَلِكَ حِينَ يَتَجَلَّى الرَّبُّ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَ خَلْقِهِ فَمَا يَتَضَارُّونَ فِي نُورِهِ كَمَا لَا يَتَضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ فِي الْيَوْمِ الصَّحْوِ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَالسُّدِّيُّ: بِعَدْلِ رَبِّهَا، وَأَرَادَ بِالْأَرْضِ عَرَصَاتِ القيامة، {وَوُضِعَ الْكِتَابُ} [الزمر: ٦٩] أَيْ كِتَابُ الْأَعْمَالِ، {وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ} [الزمر: ٦٩] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي الَّذِينَ يَشْهَدُونَ لِلرُّسُلِ بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، وَهُمْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ عَطَاءٌ: يَعْنِي الْحَفَظَةَ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} [ق: ٢١]


(١) في صفات المنافقين برقم (٢٧٨٦) ٤ / ٢١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>