لِلتِّجَارَاتِ وَأَنْوَاعِ الْمَكَاسِبِ، فَالْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُرَادُ منه غيره.
[١٩٧] ، {مَتَاعٌ قَلِيلٌ} [آل عمران: ١٩٧] أي: هو متاع قليل، بلغة فَانِيَةٌ وَمُتْعَةٌ زَائِلَةٌ، {ثُمَّ مَأْوَاهُمْ} [آل عمران: ١٩٧] مصيرهم، {جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} [آل عمران: ١٩٧] الْفِرَاشُ.
[١٩٨] {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا} [آل عمران: ١٩٨] جَزَاءً وَثَوَابًا، {مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمران: ١٩٨] نُصِبَ عَلَى التَّفْسِيرِ، وَقِيلَ: جَعَلَ ذَلِكَ نُزُلًا، {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ} [آل عمران: ١٩٨] من متاع الدنيا.
[١٩٩] ، قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} [آل عمران: ١٩٩] هو الْآيَةَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرٌ وَأَنَسٌ وَقَتَادَةُ: نَزَلَتْ فِي النَّجَاشِيِّ ملك الحبشة، وَقَالَ عَطَاءٌ: نَزَلَتْ فِي أَهْلِ نجران أَرْبَعِينَ رَجُلًا اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ مِنَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَثَمَانِيَةٍ مِنَ الرُّومِ، كَانُوا عَلَى دِينِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَآمَنُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَأَصْحَابِهِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ فِي مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ كُلِّهِمْ، {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} [آل عمران: ١٩٩] يَعْنِي: الْقُرْآنَ، {وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ} [آل عمران: ١٩٩] يَعْنِي: التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ، {خَاشِعِينَ لِلَّهِ} [آل عمران: ١٩٩] خَاضِعِينَ مُتَوَاضِعِينَ لِلَّهِ، {لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: ١٩٩] يَعْنِي: لَا يُحَرِّفُونَ كُتُبَهُمْ وَلَا يَكْتُمُونَ صِفَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَجْلِ الرِّيَاسَةِ وَالْمَأْكَلَةِ، كَفِعْلِ غَيْرِهِمْ مِنْ رُؤَسَاءِ الْيَهُودِ، {أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [آل عمران: ١٩٩]
[٢٠٠] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} [آل عمران: ٢٠٠] قَالَ الْحَسَنُ: اصْبِرُوا عَلَى دِينِكُمْ ولا ندعوه لِشِدَّةٍ وَلَا رَخَاءٍ، وَقَالَ قَتَادَةُ: اصبروا على طاعة أدته، وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَمُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: عَلَى أَدَاءِ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: عَلَى الْجِهَادِ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ. على البلاء، وصابروا يعني: على قتال الْكُفَّارَ، وَرَابِطُوا يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ، قَالَ أبو عبيدة: أي دافعوا وَاثْبُتُوا، وَالرَّبْطُ الشَّدُّ، وَأَصْلُ الرِّبَاطِ أن يربط خُيُولَهُمْ، وَهَؤُلَاءِ خُيُولَهُمْ، ثُمَّ قِيلَ: ذلك لكم مُقِيمٍ فِي ثَغْرٍ يَدْفَعُ عَمَّنْ وَرَاءَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مركب، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَمَا عَلَيْهَا، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وما عليها، ولروحة يَرُوحُهَا الْعَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا» ، وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوٌ يُرَابَطُ فِيهِ، وَلَكِنَّهُ انْتِظَارُ الصلاة بعد الصلاة، ودليل هذا التأويل قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ» {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: ٢٠٠] قَالَ بَعْضُ أَرْبَابِ اللِّسَانِ: اصْبِرُوا عَلَى النَّعْمَاءِ وَصَابِرُوا عَلَى الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَرَابِطُوا فِي دَارِ الْأَعْدَاءِ وَاتَّقُوا إِلَهَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ فِي دَارِ الْبَقَاءِ.
[سُورَةِ النساء]
[قَوْلُهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ] مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا. . . .
(٤) سورة النساء [١] قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: ١] يَعْنِي: آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [النساء: ١] يعني: حواء، {وَبَثَّ مِنْهُمَا} [النساء: ١] نَشَرَ وَأَظْهَرَ، {رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ} [النساء: ١] أي: تتساءلون به {وَالْأَرْحَامَ} [النساء: ١] قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِالنَّصْبِ، أَيْ: وَاتَّقُوا الْأَرْحَامَ أَنْ تَقْطَعُوهَا، وَقَرَأَ حَمْزَةُ بِالْخَفْضِ، أَيْ: بِهِ وَبِالْأَرْحَامِ كَمَا يُقَالُ: سَأَلْتُكَ بِاللَّهِ وَالْأَرْحَامِ، وَالْقِرَاءَةُ الْأُولَى أَفْصَحُ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تَكَادُ تُنَسِّقُ بِظَاهِرٍ عَلَى مُكَنَّى إلا بعد أَنْ تُعِيدَ الْخَافِضَ فَتَقُولُ: مَرَرْتُ بِهِ وَبِزَيْدٍ، إِلَّا أَنَّهُ جَائِزٌ مَعَ قِلَّتِهِ، {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: ١] أَيْ: حَافِظًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute