لِلْخُصُومِ فِي الْأَضْعَافِ وَلِأَنَّ الْحَسَنَةَ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْعَبْدِ وَالتَّضْعِيفَ كَمَا يَلِيقُ بِكَرَمِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، {وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} [النمل: ٨٩] قَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ مِنْ فَزَعٍ بِالتَّنْوِينِ يَوْمَئِذٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْإِضَافَةِ لِأَنَّهُ أَعَمُّ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الْأَمْنَ مِنْ جَمِيعِ فَزَعِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَبِالتَّنْوِينِ كَأَنَّهُ فَزَعٌ دُونَ فَزَعٍ، وَيَفْتَحُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْمِيمَ مِنْ يَوْمَئِذٍ.
[٩٠] {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ} [النمل: ٩٠] يَعْنِي الشِّرْكَ، {فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} [النمل: ٩٠] يَعْنِي أُلْقُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ، يُقَالُ: كبت الرَّجُلَ إِذَا أَلْقَيْتُهُ عَلَى وَجْهِهِ فَانْكَبَّ وَأَكَبَّ، وَتَقُولُ لَهُمْ خَزَنَةُ جَهَنَّمَ: {هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النمل: ٩٠] فِي الدُّنْيَا مِنَ الشِّرْكِ.
[٩١] قَوْلُهُ تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ} [النمل: ٩١] يَقُولُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ، {أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ} [النمل: ٩١] يعني مكة، {الَّذِي حَرَّمَهَا} [النمل: ٩١] يعني جَعَلَهَا اللَّهُ حَرَمًا آمِنًا لَا يُسْفَكُ فِيهَا دَمٌ وَلَا يُظْلَمُ فِيهَا أَحَدٌ وَلَا يُصَادُ صَيْدُهَا وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، {وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ} [النمل: ٩١] خَلْقًا وَمِلْكًا، {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [النمل: ٩١] لله.
[٩٢] {وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ} [النمل: ٩٢] يَعْنِي وَأُمِرْتُ أن أَتْلُوَ الْقُرْآنَ، {فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ} [النمل: ٩٢] أَيْ نَفْعُ اهْتِدَائِهِ يَرْجِعُ إِلَيْهِ، {وَمَنْ ضَلَّ} [النمل: ٩٢] عَنِ الْإِيمَانِ وَأَخْطَأَ عَنْ طَرِيقِ الْهُدَى، {فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ} [النمل: ٩٢] مِنَ الْمُخَوِّفِينَ فَلَيْسَ عَلَيَّ إِلَّا الْبَلَاغُ، نَسَخَتْهَا آيَةُ الْقِتَالِ.
[٩٣] {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} [النمل: ٩٣] على نعمه، {سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ} [النمل: ٩٣] يَعْنِي يَوْمَ بَدْرٍ مِنَ الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ وَضَرْبِ الْمَلَائِكَةِ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ} [الْأَنْبِيَاءِ: ٣٧] وَقَالَ مُجَاهِدٌ: سَيُرِيْكُمْ آيَاتِهِ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَفِي أَنْفُسِكُمْ، كَمَا قَالَ: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ} [فصلت: ٥٣] {فَتَعْرِفُونَهَا} [النمل: ٩٣] يعني تعرفون الآيات والدلالات،
[سورة القصص]
[قوله تعالى طسم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ. . . .]
(٢٨) سورة القصص [١] {طسم} [القصص: ١]
[٢] {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} [القصص: ٢]
[٣] {نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ} [القصص: ٣] بالصدق، {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [القصص: ٣] يُصَدِّقُونَ بِالْقُرْآنِ.
[٤] {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا} [القصص: ٤] اسْتَكْبَرَ وَتَجَبَّرَ وَتَعَظَّمَ، {فِي الْأَرْضِ} [القصص: ٤] أَرْضِ مِصْرَ، {وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا} [القصص: ٤] فِرَقًا وَأَصْنَافًا فِي الْخِدْمَةِ وَالتَّسْخِيرِ، {يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ} [القصص: ٤] أراد الطائفة بَنِي إِسْرَائِيلَ، ثُمَّ فَسَّرَ الِاسْتِضْعَافَ فَقَالَ، {يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ} [القصص: ٤] سَمَّى هَذَا اسْتِضْعَافًا لِأَنَّهُمْ عَجَزُوا أو