للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني في الْبَحِيرَةَ وَالسَّائِبَةَ وَالْوَصِيلَةَ وَالْحَامِ، فَلَوْلَا أن الله رضيها لنا لَغَيَّرَ ذَلِكَ وَهَدَانَا إِلَى غَيْرِهَا، {كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [النحل: ٣٥] أَيْ: لَيْسَ إِلَيْهِمُ الْهِدَايَةُ إِنَّمَا إِلَيْهِمُ التَّبْلِيغُ.

[٣٦] {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا} [النحل: ٣٦] أَيْ: كَمَا بَعَثْنَا فِيكُمْ، {أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النَّحْلِ: ٣٦] وهو مَعْبُودٍ مِنْ دُونِ اللَّهِ، {فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ} [النحل: ٣٦] أَيْ: هَدَاهُ اللَّهُ إِلَى دِينِهِ، {وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ} [النحل: ٣٦] أَيْ وَجَبَتْ: بِالْقَضَاءِ السَّابِقِ حَتَّى مَاتَ عَلَى كُفْرِهِ، {فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [آل عمران: ١٣٧] أَيْ: مَآلُ أَمْرِهِمْ وَهُوَ خَرَابُ مَنَازِلِهِمْ بِالْعَذَابِ وَالْهَلَاكِ.

[٣٧] {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ} [النحل: ٣٧] يَا مُحَمَّدُ، {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ} [النحل: ٣٧] قَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ (يَهْدِي) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الدَّالِّ أَيْ: لَا يَهْدِي اللَّهُ مَنْ أَضَلَّهُ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا يَهْتَدِي مَنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ يَعْنِي مَنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ كَمَا قَالَ: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ} [الْأَعْرَافِ: ١٨٦] {وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [النحل: ٣٧] أَيْ: مَانِعِينَ مِنَ الْعَذَابِ.

[٣٨] قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ} [النحل: ٣٨] وَهُمْ مُنْكِرُو الْبَعْثِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى رَدًّا عَلَيْهِمْ: {بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [النحل: ٣٨]

[٣٩] {لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ} [النحل: ٣٩] أَيْ: لِيُظْهِرَ لَهُمُ الْحَقَّ فِيمَا يَخْتَلِفُونَ، {فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ} [النحل: ٣٩]

[٤٠] {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: ٤٠] يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِذَا أَرَدْنَا أَنْ نَبْعَثَ الْمَوْتَى فَلَا تَعَبَ عَلَيْنَا فِي إِحْيَائِهِمْ وَلَا فِي شَيْءٍ مِمَّا يَحْدُثُ إِنَّمَا نَقُولُ له: كن فيكون.

[٤١] قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} [النحل: ٤١] عذبوا وأوذوا في الله، قال قَتَادَةُ: هُمْ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ظَلَمَهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ وَأَخْرَجُوهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ حَتَّى لحق منهم طائفة بالحبشة ثم بوأ الله لهم الْمَدِينَةَ بَعْدَ ذَلِكَ فَجَعَلَهَا لَهُمْ دَارَ هِجْرَةٍ، وَجَعَلَ لَهُمْ أَنْصَارًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} [النحل: ٤١] وهو أنه أنزلهم المدينة. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَنُحْسِنَنَّ إِلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا. وَقِيلَ: الْحَسَنَةُ فِي الدُّنْيَا التَّوْفِيقُ وَالْهِدَايَةُ. {وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [النحل: ٤١] وَقَوْلُهُ: (لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) يَنْصَرِفُ إِلَى الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ كَانُوا يعلمونه.

[٤٢] {الَّذِينَ صَبَرُوا} [النحل: ٤٢] في الله على ما نالهم، {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل: ٤٢]

[قَوْلُهُ تَعَالَى وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي] إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ. . . .

[٤٣] {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٣] نَزَلَتْ فِي مُشْرِكِي مَكَّةَ حَيْثُ أَنْكَرُوا نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَالُوا: اللَّهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَسُولُهُ بَشَرًا فهل بَعَثَ إِلَيْنَا مَلَكًا، {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} [النحل: ٤٣]

<<  <  ج: ص:  >  >>