للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِيَجْتَهِدُوا فِي الطَّاعَاتِ حَذَرًا مِنْ قِيَامِهَا.

[٣] {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: ٣] مَعْنَاهُ عَمَلٌ صَالِحٌ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ خَيْرٌ مَنْ عَمِلِ أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ.

[٤] قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ} [القدر: ٤] يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَهُمْ، {فِيهَا} [القدر: ٤] أَيْ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، {بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} [القدر: ٤] أَيْ بِكُلِّ أَمْرٍ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، كَقَوْلِهِ: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [الرَّعْدِ: ١١] أَيْ بِأَمْرِ اللَّهِ.

[٥] {سَلَامٌ} [القدر: ٥] قَالَ عَطَاءٌ: يُرِيدُ سَلَامٌ عَلَى أولياء الله وأهل طاعته. قال الشَّعْبِيُّ: هُوَ تَسْلِيمُ الْمَلَائِكَةِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ عَلَى أَهْلِ الْمَسَاجِدِ مِنْ حين تَغِيبُ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ الفجر. قال الكلبي: الملائكة ينزلون فيها كُلَّمَا لَقُوا مُؤْمِنًا أَوْ مُؤْمِنَةً سَلَّمُوا عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ. وَقِيلَ: تَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ: {بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} [القدر: ٤] ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ: {سَلَامٌ هِيَ} [القدر: ٥] أَيْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ سَلَامٌ وَخَيْرٌ كُلُّهَا، لَيْسَ فِيهَا شَرٌّ. قَالَ الضَّحَّاكُ: لَا يُقَدِّرُ اللَّهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَلَا يَقْضِي إِلَّا السَّلَامَةَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ سَالِمَةٌ لَا يَسْتَطِيعُ الشَّيْطَانُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا سُوءًا، وَلَا أَنْ يُحْدِثَ فِيهَا أَذًى، {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: ٥] أي إلى مطلع الفجر.

[سورة البينة]

[قوله تعالى لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ] وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ. . .

(٩٨) سورة البينة [١] {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} [البينة: ١] وهم اليهود والنصارى، {وَالْمُشْرِكِينَ} [البينة: ١] وهم عبدة الأوثان، {مُنْفَكِّينَ} [البينة: ١] زَائِلِينَ مُنْفَصِلِينَ، يُقَالُ: فَكَكْتُ الشَّيْءَ فَانْفَكَّ أَيِ انْفَصَلَ، {حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} [الْبَيِّنَةُ: ١] لَفْظُهُ مُسْتَقْبَلٌ وَمَعْنَاهُ الْمَاضِي أي حتى أتتهم الْحُجَّةُ الْوَاضِحَةُ، يَعْنِي مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَاهُمْ بِالْقُرْآنِ فبين لهم ضلالتهم وجهالتهم ودعاهم إلى الإسلام والإيمان، فَهَذِهِ الْآيَةُ فِيمَنْ آمَنَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، أَخْبَرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَنْتَهُوا عَنِ الْكُفْرِ حَتَّى أَتَاهُمُ الرَّسُولُ فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ فَآمَنُوا فَأَنْقَذَهُمُ اللَّهُ مِنَ الْجَهْلِ وَالضَّلَالَةِ.

[٢] ثُمَّ فَسَّرَ الْبَيِّنَةَ فَقَالَ: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو} [البينة: ٢] يقرأ، {صُحُفًا} [البينة: ٢] كتابا، يُرِيدُ مَا يَتَضَمَّنُهُ الصُّحُفُ مِنَ الْمَكْتُوبِ فِيهَا، وَهُوَ الْقُرْآنُ لِأَنَّهُ كَانَ يَتْلُو عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ لا عن كتاب، قوله: {مُطَهَّرَةً} [البينة: ٢] مِنَ الْبَاطِلِ وَالْكَذِبِ وَالزُّورِ.

[٣] {فِيهَا} [البينة: ٣] أي في الصحف، {كُتُبٌ} [البينة: ٣] يَعْنِي الْآيَاتِ وَالْأَحْكَامِ الْمَكْتُوبَةِ فِيهَا، {قَيِّمَةٌ} [البينة: ٣] عَادِلَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ غَيْرُ ذَاتِ عِوَجٍ.

[٤] ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَ: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [البينة: ٤] فِي أَمْرِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، {إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} [الْبَيِّنَةُ: ٤] أَيِ الْبَيَانُ فِي كُتُبِهِمْ أَنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لَمْ يَزَلْ أَهْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>