للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[١] {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: ١] يَا مُحَمَّدُ عَلَى مَنْ عَادَاكَ وَهُمْ قُرَيْشٌ, وَالْفَتْحُ فَتْحُ مَكَّةَ.

[٢] {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} [النصر: ٢] زُمَرًا وَأَرْسَالًا الْقَبِيلَةُ بِأَسْرِهَا وَالْقَوْمُ بِأَجْمَعِهِمْ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ. قَالَ الْحَسَنُ: لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مَكَّةَ عَلَى رَسُولِهِ قالت العرب بعضها البعض: إِذَا ظَفِرَ مُحَمَّدٌ بِأَهْلِ الْحَرَمِ, وَقَدْ كَانَ اللَّهُ أَجَارَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الْفِيلِ, فَلَيْسَ لَكُمْ بِهِ يَدَانِ, فَكَانُوا يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا بَعْدَ أَنْ كَانُوا يَدْخُلُونَ وَاحِدًا وَاحِدًا, وَاثْنَيْنِ اثْنَيْنِ.

[٣] {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: ٣] فإنك حينئذ لاحق به, قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عَلِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ نُعِيَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ. قَالَ الْحَسَنُ: أُعْلِمَ أَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ أَجْلُهُ فَأُمِرَ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّوْبَةِ لِيُخْتَمَ لَهُ بِالزِّيَادَةِ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ. قَالَ قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ: عَاشَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ السورة سبعين يوما.

[سورة المسد]

[قوله تعالى تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ. . .]

[١١١] سورة المسد [١] {تَبَّتْ} [المسد: ١] أَيْ خَابَتْ وَخَسِرَتْ {يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: ١] أَيْ هُوَ, أَخْبَرَ عَنْ يَدَيْهِ وَالْمُرَادُ بِهِ نَفْسُهُ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي التَّعْبِيرِ بِبَعْضِ الشَّيْءِ عَنْ كُلِّهِ. وَقِيلَ: الْيَدُ صِلَةٌ, كَمَا يُقَالُ: يَدُ الدَّهْرِ وَيَدُ الرزايا والبلايا. وقيل: المراد به مَالُهُ وَمُلْكُهُ, يُقَالُ: فَلَانٌ قَلِيلُ ذَاتِ الْيَدِ, يَعْنُونَ بِهِ الْمَالَ والثياب والخسار وَالْهَلَاكُ. وَأَبُو لَهَبٍ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْمُهُ عَبْدُ العزى وَتَبَّ أَبُو لَهَبٍ، وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: وَقَدْ تَبَّ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الْأَوَّلُ دُعَاءٌ, وَالثَّانِي خَبَرٌ, كَمَا يُقَالُ: أَهْلَكَهُ اللَّهُ, وَقَدْ فَعَلَ.

[٢] {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ} [المسد: ٢] أَيْ مَا يُغْنِي, وَقِيلَ: أَيُّ شيء عَنْهُ مَالُهُ, أَيْ مَا يَدْفَعُ عَنْهُ عَذَابَ اللَّهِ مَا جَمَعَ مِنَ الْمَالِ؟ وَكَانَ صَاحِبُ مَوَاشٍ {وَمَا كَسَبَ} [المسد: ٢] قِيلَ: يَعْنِي وَلَدَهُ لِأَنَّ وَلَدَ الْإِنْسَانِ مِنْ كَسْبِهُ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «أَطْيَبُ مَا يَأْكُلُ أَحَدُكُمْ مِنْ كَسْبِهِ, وَإِنَّ وَلَدَهُ من كسبه» (١) .

[٣] ثم وعده بِالنَّارِ فَقَالَ: {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ} [المسد: ٣] أَيْ نَارًا تَلْتَهِبُ عَلَيْهِ.

[٤] {وَامْرَأَتُهُ} [المسد: ٤] أُمُّ جَمِيلٍ بِنْتُ حَرْبِ بْنِ أمية


(١) حديث صحيح روي من طرق بألفاظ متقاربة أخرجه أبو داود في الإجارات (٥ / ١٨٢) ، والترمذي في الأحكام (٤ / ٥٩٢) ، وقال: حديث حسن، والنسائي في البيوع (٧ / ٢٤١) ، وابن ماجه في التجارات برقم (٢٢٩٠- ٢ / ٧٦٨) ، والدارمي في البيوع (٢ / ٢٤٧) ، وصححه ابن حبان ص ٢٦٨ من موارد الظمآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>