عَلَى نَفْسِكَ؟
[٥١] {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ} [يونس: ٥١] قِيلَ: مَعْنَاهُ أَهُنَالِكَ، وَحِينَئِذٍ، وَلَيْسَ بِحَرْفِ عَطْفٍ، {إِذَا مَا وَقَعَ} [يونس: ٥١] نزل العذاب، {آمَنْتُمْ بِهِ} [يونس: ٥١] أَيْ بِاللَّهِ فِي وَقْتِ الْيَأْسِ، وَقِيلَ: آمَنْتُمْ بِهِ أَيْ صَدَّقْتُمْ بالعذاب وقت نزوله، {آلْآنَ} [يونس: ٥١] فِيهِ إِضْمَارٌ، أَيْ: يُقَالُ لَكُمْ: آلْآنَ تُؤْمِنُونَ حِينَ وَقَعَ الْعَذَابُ؟ {وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} [يونس: ٥١] تكذيبًا واستهزاءً، قرأ ورش عن نافع (آلان) بحذف الهمزة التي بعد اللام الساكنة وإلقاء حركتها على اللام، ويمد الهمزة الأولى على وزن عالان، وكذلك الحرف الآخر، وروى زمعة بن صالح (الان) على مثل علان بغير مد ولا همزة بعد اللام، وقرأ الباقون (آلآن) بهمزة ممدود في الأول، وإثبات همزة بعد اللام، وكذلك قالون وإسماعيل عن نافع.
[٥٢] {ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا} [يونس: ٥٢] أَشْرَكُوا، {ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ} [يونس: ٥٢] في الدنيا.
[٥٣] {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ} [يونس: ٥٣] أَيْ: يَسْتَخْبِرُونَكَ يَا مُحَمَّدُ، {أَحَقٌّ هُوَ} [يونس: ٥٣] أَيْ مَا تَعِدُنَا مِنَ الْعَذَابِ وَقِيَامِ السَّاعَةِ، {قُلْ إِي وَرَبِّي} [يونس: ٥٣] أَيْ: نَعَمْ وَرَبِّي، {إِنَّهُ لَحَقٌّ} [يونس: ٥٣] لَا شَكَّ فِيهِ، {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} [يونس: ٥٣] أَيْ: بِفَائِتِينَ مِنَ الْعَذَابِ؛ لِأَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ فَقَدْ فاته.
[قوله تعالى وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ] لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ. . . .
[٥٤] {وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ} [يونس: ٥٤] أَيْ: أَشْرَكَتْ، {مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ} [يونس: ٥٤] يوم القيامة، والافتداء ههنا: بَذْلُ مَا يَنْجُو بِهِ مِنَ العذاب، {وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ} [يونس: ٥٤] قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَعْنَاهُ أَظْهَرُوا النَّدَامَةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ تَصَبُّرٍ وَتَصَنُّعٍ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَخْفَوْا، أَيْ: أَخْفَى الرُّؤَسَاءُ النَّدَامَةَ مِنَ الضُّعَفَاءِ خَوْفًا مِنْ مَلَامَتِهِمْ وَتَعْيِيرِهِمْ، {لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [يونس: ٥٤] فَرَغَ مِنْ عَذَابِهِمْ، {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [يونس: ٥٤]
[٥٥] {أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [يونس: ٥٥]
[٥٦] {هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يونس: ٥٦]
[٥٧] قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ} [يونس: ٥٧] تَذْكِرَةٌ، {مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} [يونس: ٥٧] أي: دواء لما في الصدور من داء الجهل، وقيل: لِمَا فِي الصُّدُورِ أَيْ شِفَاءٌ لِعَمَى الْقُلُوبِ، وَالصَّدْرُ مَوْضِعُ الْقَلْبِ، وَهُوَ أَعَزُّ مَوْضِعٍ فِي الْإِنْسَانِ لجوار القلب، {وَهُدًى} [يونس: ٥٧] من الضلالة {وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: ٥٧] وَالرَّحْمَةُ هِيَ النِّعْمَةُ عَلَى الْمُحْتَاجِ؛ فَإِنَّهُ لَوْ أَهْدَى مَلِكٌ إِلَى مَلِكٍ شَيْئًا لَا يُقَالُ قَدْ رَحِمَهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ نِعْمَةً؛ فإنه لَمْ يَضَعْهَا فِي مُحْتَاجٍ.
[٥٨] قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ} [يونس: ٥٨] قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: فَضْلُ اللَّهِ: الْإِيمَانُ، وَرَحْمَتُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute