للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مِنْ دُونِ اللَّهِ} [الصافات: ٢٣] فِي الدُّنْيَا، يَعْنِي الْأَوْثَانَ وَالطَّوَاغِيتَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي إِبْلِيسَ وَجُنُودَهُ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ: {أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} [يس: ٦٠] {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} [الصافات: ٢٣] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: دُلُّوهُمْ إِلَى طَرِيقِ النَّارِ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: قَدِّمُوهُمْ. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي السَّابِقَ هَادِيًا.

[٢٤] {وَقِفُوهُمْ} [الصافات: ٢٤] واحبسوهم، يُقَالُ: وَقَفْتُهُ وَقْفًا فَوَقَفَ وُقُوفًا. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لَمَّا سِيقُوا إِلَى النَّارِ حُبِسُوا عِنْدَ الصِّرَاطِ لِأَنَّ السُّؤَالَ عِنْدَ الصِّرَاطِ، فَقِيلَ: وَقِفُوهُمْ {إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [الصافات: ٢٤] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَنْ جَمِيعِ أقوالهم وأفعالهم.

[قَوْلُهُ تَعَالَى مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ] . . .

[٢٥] {مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ} [الصافات: ٢٥] أَيْ لَا تَتَنَاصَرُونَ، يُقَالُ لَهُمْ تَوْبِيخًا: مَا لَكَمَ لَا يَنْصُرُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، يَقُولُ لَهُمْ خَزَنَةُ النَّارِ هَذَا جَوَابٌ لِأَبِي جَهْلٍ حيث قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: {نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ} [الْقَمَرِ: ٤٤]

[٢٦] فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ} [الصافات: ٢٦] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: خَاضِعُونَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مُنْقَادُونَ؟ يُقَالُ اسْتَسْلَمَ لِلشَّيْءِ إِذَا انْقَادَ لَهُ وَخَضَعَ لَهُ، وَالْمَعْنَى: هُمُ الْيَوْمَ أَذِلَّاءُ مُنْقَادُونَ لَا حِيلَةَ لَهُمْ.

[٢٧] {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [الصافات: ٢٧] أي الرؤساء والأتباع {يَتَسَاءَلُونَ} [الصافات: ٢٧] يتخاصمون.

[٢٨] {قَالُوا} [الصافات: ٢٨] أَيِ الْأَتْبَاعُ لِلرُّؤَسَاءِ، {إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ} [الصَّافَّاتِ: ٢٨] أَيْ مِنْ قِبَلِ الدِّينِ فَتُضِلُّونَنَا عَنْهُ وَتُرُونَنَا أَنَّ الدِّينَ مَا تُضِلُّونَنَا بِهِ، قَالَهُ الضَّحَّاكُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: عَنِ الصِّرَاطِ الْحَقِّ، وَالْيَمِينُ عِبَارَةٌ عن الدين والحق، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ الرُّؤَسَاءُ يَحْلِفُونَ لَهُمْ أَنَّ مَا يَدْعُونَهُمْ إِلَيْهِ هُوَ الْحَقُّ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ. (تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ) أَيْ مِنْ نَاحِيَةِ الْأَيْمَانِ الَّتِي كُنْتُمْ تَحْلِفُونَهَا فَوَثِقْنَا بِهَا. وَقِيلَ: عَنِ الْيَمِينِ أَيْ عَنِ الْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ، كَقَوْلِهِ: {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} [الْحَاقَّةِ: ٤٥] وَالْمُفَسِّرُونَ عَلَى القول الأول.

[٢٩] {قَالُوا} [الصافات: ٢٩] يَعْنِي الرُّؤَسَاءَ لِلْأَتْبَاعِ، {بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [الصافات: ٢٩] لَمْ تَكُونُوا عَلَى الْحَقِّ فَنُضِلَّكُمْ عَنْهُ، أَيْ إِنَّمَا الْكُفْرُ مِنْ قِبَلِكُمْ.

[٣٠] {وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ} [الصافات: ٣٠] مِنْ قُوَّةٍ وَقُدْرَةٍ فَنَقْهَرَكُمْ عَلَى مُتَابَعَتِنَا، {بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ} [الصافات: ٣٠] ضالين.

[٣١] {فَحَقَّ} [الصافات: ٣١] وجب، {عَلَيْنَا} [الصافات: ٣١] جميعا، {قَوْلُ رَبِّنَا} [الصافات: ٣١] يَعْنِي كَلِمَةُ الْعَذَابِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [هود: ١١٩] {إِنَّا لَذَائِقُونَ} [الصافات: ٣١] الْعَذَابَ، أَيْ أَنَّ الضَّالَّ وَالْمُضِلَّ جميعا في النار.

[٣٢] {فَأَغْوَيْنَاكُمْ} [الصافات: ٣٢] فَأَضْلَلْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى وَدَعَوْنَاكُمْ إِلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ، {إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ} [الصافات: ٣٢] ضالين.

[٣٣] قال الله: {فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} [الصافات: ٣٣] الرُّؤَسَاءُ وَالْأَتْبَاعُ.

[٣٤] {إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ} [الصافات: ٣٤] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الَّذِينَ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ.

[٣٥] {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} [الصافات: ٣٥] يَتَكَبَّرُونَ عَنْ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ وَيَمْتَنِعُونَ مِنْهَا.

[٣٦] {وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} [الصافات: ٣٦] يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[٣٧] قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ردا عليهم: {بَلْ جَاءَ} [الصافات: ٣٧] محمد {بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: ٣٧] أَيْ أَنَّهُ أَتَى بِمَا أَتَى به الرسل قَبْلَهُ.

[٣٨، ٣٩] {إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ - وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الصافات: ٣٨ - ٣٩] فِي الدُّنْيَا مِنَ الشِّرْكِ.

[٤٠] {إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} [الصافات: ٤٠] الموحدين.

[٤١] {أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ} [الصافات: ٤١] يَعْنِي بُكْرَةً وَعَشِيًّا كَمَا قَالَ: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: ٦٢]

[٤٢] {فَوَاكِهُ} [الصافات: ٤٢] جَمْعُ الْفَاكِهَةِ وَهِيَ الثِّمَارُ كُلُّهَا رَطْبُهَا وَيَابِسُهَا، وَهِيَ كُلُّ طَعَامٍ يُؤْكَلُ لِلتَّلَذُّذِ لَا لِلْقُوتِ، {وَهُمْ مُكْرَمُونَ} [الصافات: ٤٢] بِثَوَابِ اللَّهِ. ٤٣،

[٤٤] {فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ - عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الصافات: ٤٣ - ٤٤]

<<  <  ج: ص:  >  >>