الْكِتَابِ يَزْدَادُونَ تَصْدِيقًا بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا وَجَدُوا مَا قَالَهُ مُوَافِقًا لِمَا فِي كتبهم، {وَلَا يَرْتَابَ} [المدثر: ٣١] لا يَشُكَّ، {الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ} [المدثر: ٣١] فِي عَدَدِهِمْ، {وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [المدثر: ٣١] شك ونفاق، {وَالْكَافِرُونَ} [المدثر: ٣١] مُشْرِكُو مَكَّةَ {مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا} [المدثر: ٣١] أَيَّ شَيْءٍ أَرَادَ بِهَذَا الْحَدِيثِ. " وَأَرَادَ بِالْمَثَلِ الْحَدِيثَ نَفْسَهُ {كَذَلِكَ} [المدثر: ٣١] أَيْ كَمَا أَضَلَّ اللَّهُ مَنْ أَنْكَرَ عَدَدَ الْخَزَنَةِ وَهَدَى مَنْ صَدَّقَ، كَذَلِكَ {يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدثر: ٣١] قَالَ مُقَاتِلٌ: هَذَا جَوَابُ أَبِي جَهْلٍ حِينَ قَالَ: أَمَا لِمُحَمَّدٍ أعوان إلا تسعة؟ قَالَ عَطَاءٌ: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ يَعْنِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ خَلَقَهُمْ لِتَعْذِيبِ أَهْلِ النَّارِ، لَا يَعْلَمُ عِدَّتَهُمْ إِلَّا اللَّهُ وَالْمَعْنَى إِنَّ تِسْعَةَ عَشَرَ هُمْ خَزَنَةُ النَّارِ، وَلَهُمْ مِنَ الْأَعْوَانِ وَالْجُنُودِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَا لا يعلمهم إِلَّا اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى ذِكْرِ سَقَرَ فَقَالَ: {وَمَا هِيَ} [المدثر: ٣١] يعني النار، {إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ} [المدثر: ٣١] إِلَّا تَذْكِرَةً وَمَوْعِظَةً لِلنَّاسِ.
[٣٢] {كَلَّا وَالْقَمَرِ} [المدثر: ٣٢] هذا قسم يقول حقا.
[٣٣] {وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ} [المدثر: ٣٣] دَبَرَ اللَّيْلُ وَأَدْبَرَ إِذَا وَلَّى ذاهبا.
[٣٤] {وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ} [المدثر: ٣٤] أَضَاءَ وَتَبَيَّنَ.
[٣٥] {إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ} [المدثر: ٣٥] يَعْنِي أَنَّ سَقَرَ لَإِحْدَى الْأُمُورِ الْعِظَامِ، وَوَاحِدُ الْكُبَرِ كُبْرَى، قَالَ مقاتل والكلبي: أراد بالكبر كانت جَهَنَّمَ وَهِيَ سَبْعَةٌ: جَهَنَّمُ وَلَظَى وَالْحُطَمَةُ وَالسَّعِيرُ وَسَقَرُ وَالْجَحِيمُ وَالْهَاوِيَةُ.
[٣٦] {نَذِيرًا لِلْبَشَرِ} [المدثر: ٣٦] يَعْنِي النَّارَ نَذِيرًا لِلْبَشَرِ. قَالَ الْحَسَنُ: وَاللَّهِ مَا أَنْذَرَ اللَّهُ بشي أدهى منها.
[٣٧] {لِمَنْ شَاءَ} [المدثر: ٣٧] بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ لِلْبَشَرِ {مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ} [المدثر: ٣٧] فِي الْخَيْرِ وَالطَّاعَةِ,، {أَوْ يَتَأَخَّرَ} [المدثر: ٣٧] عنها في الشر والمعصية، المعنى: أَنَّ الْإِنْذَارَ قَدْ حَصَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ آمَنَ أَوْ كَفَرَ.
[قوله تعالى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ. . .]
[٣٨] {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: ٣٨] مُرْتَهِنَةٌ فِي النَّارِ بِكَسْبِهَا مَأْخُوذَةٌ بعملها.
[٣٩] {إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ} [المدثر: ٣٩] فَإِنَّهُمْ لَا يَرْتَهِنُونَ بِذُنُوبِهِمْ فِي النَّارِ وَلَكِنْ يَغْفِرُهَا اللَّهُ لَهُمْ. قَالَ قَتَادَةُ عَلَّقَ النَّاسَ كُلَّهُمْ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ. وَاخْتَلَفُوا فِيهِمْ رُوِيَ عَنْ عَلَيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُمْ أَطْفَالُ الْمُسْلِمِينَ وَرَوَى أَبُو ظَبْيَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُمُ الْمَلَائِكَةُ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هُمْ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى يَمِينِ آدَمَ يَوْمَ الْمِيثَاقِ، حِينَ قَالَ اللَّهُ لَهُمْ: (هَؤُلَاءِ فِي الْجَنَّةِ وَلَا أُبَالِي) وَعَنْهُ أَيْضًا: هُمُ الَّذِينَ أُعْطُوا كُتُبَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ، وَعَنْهُ أَيْضًا: هُمُ الَّذِينَ كَانُوا مَيَامِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُمُ الْمُسْلِمُونَ الْمُخْلِصُونَ. وَقَالَ الْقَاسِمُ: كُلُّ نَفْسٍ مَأْخُوذَةٌ بِكَسْبِهَا مَنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ إِلَّا مَنِ اعْتَمَدَ عَلَى الْفَضْلِ، وَكُلُّ مَنِ اعْتَمَدَ عَلَى الْكَسْبِ فَهُوَ رَهِينٌ بِهِ، وَمَنِ اعْتَمَدَ عَلَى الْفَضْلِ فَهُوَ غَيْرُ مَأْخُوذٍ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute