للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَارُونَ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ: {عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأنعام: ٦٥] السَّلَاطِينَ الظَّلَمَةَ، وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمُ الْعَبِيدُ السُّوءُ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: مِنْ فَوْقِكُمْ مِنْ قِبَلِ كِبَارِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَيْ مِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} [الأنعام: ٦٥] أَيْ يَخْلِطَكُمْ فِرَقًا وَيَبُثَّ فِيكُمُ الْأَهْوَاءَ الْمُخْتَلِفَةَ، {وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} [الأنعام: ٦٥] يَعْنِي السُّيُوفَ الْمُخْتَلِفَةَ، يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بعضا. {انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ} [الأنعام: ٦٥]

[٦٦] {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ} [الأنعام: ٦٦] أَيْ: بِالْقُرْآنِ، وَقِيلَ بِالْعَذَابِ، {وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} [الأنعام: ٦٦] بِرَقِيبٍ، وَقِيلَ: بِمُسَلَّطٍ أُلْزِمُكُمُ الْإِسْلَامَ شئتم أو أبيتم، وإنما أنا رسول.

[٦٧] ، {لِكُلِّ نَبَإٍ} [الأنعام: ٦٧] خَبَرٍ مِنْ أَخْبَارِ الْقُرُونِ، {مُسْتَقَرٌّ} [الأنعام: ٦٧] حَقِيقَةٌ وَمُنْتَهًى يَنْتَهِي إِلَيْهِ فَيُتَبَيَّنُ صِدْقُهُ مَنْ كَذِبِهِ وَحَقُّهُ مِنْ بَاطِلِهِ، إِمَّا فِي الدُّنْيَا وَإِمَّا في الآخرة {وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} [الأنعام: ٦٧] وَقَالَ مُقَاتِلٌ: لِكُلِّ خَبَرٍ يُخْبِرُهُ اللَّهُ وَقْتٌ وَقَّتَهُ وَمَكَانٌ يَقَعُ فِيهِ مِنْ غَيْرٍ خُلْفٍ وَلَا تَأْخِيرٍ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: لِكُلِّ قَوْلٍ وَفِعْلٍ حَقِيقَةٌ، إِمَّا فِي الدُّنْيَا وَإِمَّا فِي الْآخِرَةِ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَا كَانَ فِي الدُّنْيَا فَسَتَعْرِفُونَهُ وَمَا كَانَ فِي الْآخِرَةِ فَسَوْفَ يَبْدُو لَكُمْ.

[٦٨] ، قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا} [الأنعام: ٦٨] يَعْنِي: فِي الْقُرْآنِ بِالِاسْتِهْزَاءِ، {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} [الأنعام: ٦٨] فَاتْرُكْهُمْ وَلَا تُجَالِسْهُمْ، {حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ} [الأنعام: ٦٨] قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ بِفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِسُكُونِ النون وتخفيف السين، {الشَّيْطَانُ} [الأنعام: ٦٨] نَهْيَنا، {فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: ٦٨] يَعْنِي: إِذَا جَلَسَتْ مَعَهُمْ نَاسِيًا فَقُمْ مِنْ عِنْدِهِمْ بَعْدَمَا تَذَكَّرْتَ.

[قوله تعالى وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ] شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ. . . .

[٦٩] {وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٦٩] رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} [الأنعام: ٦٨] قَالَ الْمُسْلِمُونَ: كَيْفَ نَقْعُدُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَنَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَهُمْ يَخُوضُونَ أَبَدًا؟ وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ الْمُسْلِمُونَ: فَإِنَّا نَخَافُ الْإِثْمَ حِينَ نَتْرُكُهُمْ وَلَا نَنْهَاهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ} [الأنعام: ٦٩] الخوض, {مِنْ حِسَابِهِمْ} [الأنعام: ٦٩] أي: من إثم الْخَائِضِينَ {مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى} [الأنعام: ٦٩] أَيْ: ذَكِّرُوهُمْ وَعِظُوهُمْ بِالْقُرْآنِ، وَالذِّكْرُ وَالذِّكْرَى وَاحِدٌ، يُرِيدُ ذَكِّرُوهُمْ ذِكْرِي، فيكون فِي مَحَلِّ النَّصْبِ {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأنعام: ٦٩] الْخَوْضَ إِذَا وَعَظْتُمُوهُمْ فَرَخَّصَ فِي مجالستهم على الوعظ لعلهم يمنعهم من ذلك الخوض، قيل: لعلهم يستحيون.

[٧٠] ، قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا} [الأنعام: ٧٠] يَعْنِي الْكُفَّارَ الَّذِينَ إِذَا سَمِعُوا بآيات اللَّهِ اسْتَهْزَءُوا بِهَا وَتَلَاعَبُوا عِنْدَ ذِكْرِهَا، وَقِيلَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا فَاتَّخَذَ كُلُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>